للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وترجمَ عَلَى حديثِ سهلٍ هذَا بقولِه بابُ التزويجِ عَلَى سورةِ البقرةِ (١)، وهذا ترجيحٌ منهُ للاحتمالِ الثاني. والاحتمالُ الأولُ أظْهَرُ كما قالَهُ القاضي لثبوتِ روايةِ: فعلِّمْهَا منَ القرآنِ.

الحادية عشْرة: أن النكاحَ ينعقدُ بلفظِ التمليكِ وهوَ مذهبُ الهادويةِ (٢) والحنفيةِ (٣) ولا يخْفَى أنه قد اختلفتِ (٤) الألفاظُ في الحديثِ فرُوِيَ بالتمليكِ وبالتزويجِ وبالإمكانِ. قالَ ابنُ دقيقِ العيدِ (٥): هذهِ لَفْظَةٌ واحدة في قصةٍ واحدةٍ اختلفتْ معَ اتحادِ مَخْرَجِ الحديثِ، والظاهرُ أن الواقعَ منَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لفظٌ واحدٌ فالمرجعُ في هذَا إلى الترجيحِ، وقدْ نُقِلَ عن الدَّارَقُطْنيّ (٦) أن الصَّوابَ روايةُ مَن رَوَى قدْ زوَّجْتُكَها وأنَّهم أكثرُ وأحفظُ. وأطالَ المصنفُ رحمه الله في "الفتح" (٦) الكلامَ على هذهِ الثلاثةِ الألفاظِ ثمَّ قالَ: فروايةُ التزويج والإنكاحِ أرجحُ، وأما قولُ ابن التينِ (٦) إنهُ اجتمعَ أهلُ الحديثِ على أن الصحيح روايةُ زوَّجْتُكَها وأنَّ روايةَ مَلَّكْتُكَهَا وهمٌ فيهِ، [فقالَ] (٧) المصنفُ: إنَّ ذلكَ مبالغةٌ منهُ.

وقالَ البغويُّ (٨): الذي يظهرُ أنهُ كانَ بلفظِ التزويجِ على وِفْقِ قَوْلِ الخاطبِ زوِّجْنِيهَا إذْ هوَ الغالبُ في لفظِ العقودِ، إذْ قلَّمَا يختلفُ فيهِ لفظُ المتعاقدينِ، وقدْ ذهبتِ الهادويةُ (٩) والحنفيةُ (١٠) وهو المشهورُ عن المالكيةِ (١١) إلى جوازِ العقدِ بكلِّ لفظ يفيدُ معناهُ إذا قُرِنَ بهِ الصداقُ أو قُصِدَ بهِ النكاحُ كالتمليكِ ونحوِه، ولا يصحُّ بلفظِ العاريةِ والإجارةِ والوصيةِ.


(١) كذا في المخطوط والمطبوع "سورة البقرة" وصوابه كما في "سنن النَّسَائِي" (٦/ ١١٣ باب ٦٢) باب: التزويج على سورة من القرآن. وهو الموافق لما في "الفتح".
(٢) انظر: "البحر الزخار" (٣/ ١٨).
(٣) انظر: "المبسوط" (٥/ ٥٩).
(٤) انظر: "فتح الباري" (٩/ ٢١٤).
(٥) انظر: "الأحكام شرح عمدة الأحكام" (٤/ ٢١٦ - بحاشية العدة) و"الفتح" (٩/ ٢١٤).
(٦) انظر: "فتح الباري" (٩/ ٢١٤).
(٧) في (ب): "فقد قال".
(٨) ذكره عنه الحافظ في "الفتح" (٩/ ٢١٤ - ٢١٥) وذكر أنه في "شرح السنة": "ولم أقف فيه"، واللَّهُ أعلم.
(٩) انظر: "البحر الزخار" (٣/ ١٨).
(١٠) انظر: "المبسوط" (٥/ ٥٩: ٦٢).
(١١) انظر: "بداية المجتهد" (٣/ ١٣) بتحقيقنا.