للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَاتَّفَقَا (١) مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَلَى أن تَفْسِيرَ الشِّغَارِ مِنْ كَلَامِ نَافِعٍ.

(وعنْ نافِعٍ عن ابن عمرَ قالَ: نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشِّغارِ) فسَّرهُ بقولِهِ: (أن يزوِّجَ الرجلُ ابنتَه على أنْ يزوِّجَه الآخرُ ابنتَه وليسَ بينَهما صَدَاقٌ. متفقٌ عليهِ) واتفقا على وجه آخر على أن تفسير الشغار من كلام نافع. قالَ الشافعيُّ: لا أدري التفسيرُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أو عن ابن عمرَ أوْ عنْ نافعِ أو عنْ مالكٍ، حكاهُ عنهُ البيهقيُّ في "المعرفة" (٢). وقالَ الخطيبُ (٣): إنهُ ليسَ منْ كلامِ النبي صلى الله عليه وسلم وإنَّما هوَ قولُ مالكٍ وُصِلَ بالمتنِ المرفوعِ، وقدْ بيَّنَ ذلكَ ابنُ مهدي والقعنبيُّ. ويدلُّ أنهُ منْ كلامِ مالكٍ أنهُ أخرجَه الدارقطنيُّ (٤) منْ طريقِ خالدِ بن مخلدٍ عنْ مالكٍ قالَ: سمعتُ أن الشِّغَارَ أنْ يزوِّجَ الرجلُ إلخ. وأما البخاريُّ فصرَّحَ في كتابِ الحيلَ (٥) أن تفسيرَ الشِّغارِ منْ قولِ نافعٍ. قالَ القرطبيُّ (٦): تفسيرُ الشِّغَارِ بما ذكرَ صحيحٌ موافقٌ لما ذكرهُ أهلُ اللغةِ؛ فإنْ كانَ مرفوعًا فهوَ المقصودُ، وإنْ كانَ منْ قولِ الصحابيِّ فمقبولٌ أيضًا لأنهُ أعلمُ بالمقال وأقعد بالحالِ اهـ. وإذْ قدْ ثبتَ النَّهْيُ عنهُ فقدِ اختلفَ الفقهاءُ هلْ هوَ باطلٌ أو غيرُ باطلٍ، فذهبتِ الهادويةُ (٧) والشافعيُّ (٨) ومالكٌ (٩) إلى أنهُ باطلٌ للنَّهْيِ عنهُ وهوَ يقتضي البطلانَ.

وللفقهاءِ خلافٌ في علل النَّهْي لا نُطَوِّلُ بهِ فكلُّها أقوالٌ تخمينيةٌ، ويظهرُ منْ


= وفي الباب: عن أبي هريرة وجابر وأنس ومعاوية وعمران بن حصين وأبي ريحانة وأُبي بن كعب وعبد الله بن عمرو بن العاص وسمرة بن جندب ووائل بن حجر وابن عباس - رضي الله عنهم -.
وانظر تخريجها في كتابنا: "إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة" جزء النكاح.
(١) أي الشيخان البخاري (٦٩٦٠)، ومسلم (٥٨/ ١٤١٥)، فالمدرج من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر، وهذا من طريق عبيد الله (وهو ابن عمر العمري) عن نافع، وقد رجَّح الحافظ في "الفتح" (٩/ ١٦٢ - ١٦٣) أن تفسير الشغار مرفوع.
(٢) "معرفة السنن والآثار" (١٠/ ١٦٦).
(٣) قاله في "المدرج"، انظر: "فتح الباري" (٩/ ١٦٢) و"التلخيص" (٣/ ١٥٤).
(٤) ذكره الحافظ في "الفتح" (٩/ ١٦٢)، ولم أجده في "السنن" ولعله في "الموطآت".
(٥) من "صحيحه" (٦٩٦٠).
(٦) انظر: "فتح الباري" (٩/ ١٦٣).
(٧) انظر: "البحر الزخار" (٣/ ٢١ - ٢٢).
(٨) انظر: "معرفة السنن والآثار" (١٠/ ١٦٨ - ١٦٩).
(٩) انظر: "بداية المجتهد" (٣/ ١٠٩) بتحقيقنا.