للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كلامُ ابن كثير في الإرشاد (١)، قالَ عَقِبَ سياقِه لهُ: رواهُ الإمامانِ أبو عبدِ اللَّهِ محمدُ بنُ إدريسٍ الشافعي وأحمدُ بنُ حنبل والترمذيُّ وابنُ ماجهْ، وهذا الإسنادُ رجالُه على شرطِ الشيخينِ إلَّا أن الترمذيَّ يقولُ: سمعتُ البخاريَّ يقولُ: هذا حديثٌ غيرُ محفوظٍ. والصحيحُ ما رَوَى شعيبٌ وغيرُه عن الزهريِّ قالَ: حدَّثْتَ عنْ محمدِ بن شعيب الثقفيِّ أن غيلانَ فذكرَهُ. قالَ البخاريُّ: وإنَّما حديثُ الزهريِّ عنْ سالمٍ عنْ أبيهِ أنّ رجلًا منْ ثقيفٍ طلَّقَ نساءَه، فقالَ لهُ عمرَ: لتراجعنَّ نساءكَ الحديث.

قالَ ابنُ كثيرٍ (٢): قلتُ قدْ جمعَ الإمامُ أحمدُ في روايته لهذا الحديثِ بينَ هذينِ الحديثينِ بهذا السندِ فليسَ ما ذكرهُ البخاريُّ قادِحًا، وساقَ روايةَ النسائيِّ لهُ برجالٍ ثقاتٍ، إلا أنهُ يُرَدُّ علَى ابن كثيرٍ ما نقلَه الأثرمُ عنْ أحمدَ أنهُ قالَ: هذا الحديثُ غيرُ صحيح. والعملُ عليهِ، وهوَ دليل على ما دلَّ عليهِ حديثُ الضَّحَّاكِ ومنْ تأوَّلَ ذلكَ تأوَّلَ هذا.

فائدةٌ: سبقت إشارةٌ إلى قصةِ تطليقِ رجلٍ منْ ثقيفٍ نساءَه، وذلكَ أنهُ اختارَ أربعًا فلمَّا كانَ في عهدِ عمرَ طلَّقَ نساءَه وقسَّم مالَه بينَ بنيهِ، فلمَّا بلغ ذلكَ عمرَ فقال: "إني [لأظنُّ] (٣) الشيطانَ مما يسترقُ منَ السمعِ سمعَ بموتِكَ فقذفَه في نفسِك وأعْلَمَكَ أتكَ لا تمكثُ إلا قليلًا وأيمُ اللَّهِ لتُراجعنَّ نساءَكَ [ولترجعهن] (٤) مالَكَ أوْ لأُورثُهنَّ منكَ ولآمرنَّ بقبركَ فلْيُرْجَمْ كما رُجِمَ قبرُ أبي رِغالٍ (٥) الحديثَ". ووقَع في الوسيطِ ابنُ غيلانَ وهوَ وهْمٌ بلْ [هوَ غيلانُ] (٦)، وأشدُّ منهُ وَهْمًا ما وقعَ في مختصرِ ابن الحاجبِ ابنُ عيلانً بالعينِ المهملةِ، وفي سننِ أبي داودَ (٧): "أن


(١) (٢/ ١٥٩).
(٢) في "إرشاد الفقيه": (٢/ ١٦٠).
(٣) في (ب): "أظنُّ".
(٤) في (ب): "لترجعنَّ".
(٥) أبو رِغال - بكسر الراء بزنة كتاب - كان من ثمود، وكان بالحرم حين أصاب قومه الصيحة، فلما خرج من الحرم أصابه من الهلاك ما أصاب قومه، فدفن هناك. قيل: كان رجلًا عشارًا في الزمن الأول فقبره يرجم، وهو بين مكة والطائف. وكان عبدًا لشعيب على نبينا وعليه الصلاة والسلام، قال جرير:
إذا مات الفرزدق فارجموه … كما تَرْمون قبر أبي رِغالِ
انظر: "لسان العرب" (٥/ ٢٥٨).
(٦) زيادة من: (ب).
(٧) في "السنن" (٢/ ٦٧٧ رقم ٢٢٤١).=