للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإنْ لم يحضرْ (قبلَ عصمةِ النكاحِ فهوَ لها، وما كانَ بعدَ عصمةِ النكاحِ فهوَ لمن أُعطيَهُ وأحقُّ ما أُكْرِمَ الرجل عليهِ ابنتُه أو أختهُ. رواهُ أحمدُ والأربعةُ إلَّا الترمذيَّ).

الحديثُ دليلٌ على أن ما سمَّاهُ الزوجُ قبلَ العقدِ فهوَ للزوجةِ وإنْ كانَ تسميتُه لغيرِها منْ أبٍ أو أخٍ، وكذلكَ ما كانَ عندَ العقدِ. وفي المسألةِ خلافٌ فذهبَ إلى ما أفادهُ الحديثُ الهادي ومالكٌ وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ والثَّوْري، وذهبَ أَبو حنيفةَ وأصحابهُ إلى أن الشرطَ لازمٌ لمنْ ذكرَ منْ أبٍ أو أخٍ والنكاحُ صحيحٌ، وذهبَ الشافعيُّ إلى أن تسميةَ المهرِ تكونُ فاسدةً ولها صداقُ المِثْلِ، وذهبَ مالكٌ إلى أنهُ إنْ كانَ الشرطُ عندَ العقدِ فهوَ لابنتهِ وإنْ كانَ بعدَ النكاحِ فهوَ لهُ. قالَ في "نهايةِ المجتهدِ" (١): وسببُ اختلافِهم تشبيهُ النكاحِ في ذلكَ بالبيعِ، فمنْ شَبَّهَهُ بالوكيلِ ببيعِ السلعةِ وشرطَ لنفسهِ حِباءً قالَ: لا يجوزُ النكاحُ كما لا يجوزُ البيعِ، ومن جعلَ النكاحَ في ذلكَ مخالفًا للبيعِ قالَ: يجوزُ. وأما تفريقُ مالكٍ فلأنهُ اتهمهُ إذا كانَ الشرطُ في عقدِ النكاحِ أنْ يكونَ ذلكَ اشترطَ لنفسهِ [نقصانًا] (٢) عنْ صداقِ مِثْلِهَا، ولمْ يتهِمْهُ إذا كانَ بعدَ انعقادِ النكاحِ والاتفاقِ على الصداقِ، انتهَى.

وإنَّما علَّلَ ذلكَ بما سمعتَ ولم يذكرِ الحديثَ لأنَّ فيهِ مقالًا، هذَا وأمَّا ما يُعطِي الزوجُ في العُرْفِ مما هوَ للإتلافِ كالطعامِ ونحوهِ فإنْ شُرِطَ في العقدِ كانَ مَهْرًا وما سُلِّمَ قبلَ العقدِ يكون إباحةً فيصحُّ الرجوعُ فيهِ معَ بقائهِ إذا كانَ في العادةِ يُسَلَّمُ للتلفِ، وإنْ كانَ يُسَلَّمُ للبقاءِ رجعَ في قيمتهِ بعدَ تلفهِ إلَّا أن [يتمنَّعُوا] (٣) منْ زواجته رجعَ بقيمتِه في الطرفينِ جميعًا، وإذا ماتتِ الزوجةُ أو امتنعَ هوَ من التزوج كانَ لهُ الرجوعُ فيما بقي وفيما سَلَّمَ للبقاءِ وفيما تلفَ قبلَ الوقتِ الذي يُعْتَادُ التلفُ فيهِ لا فيما عدا ذلكَ، و [ما] (٤) سلَّمَهُ بعدَ العقدِ هبةً أو هديةً على حسبِ الحالِ أو رشوةَ إنْ لم تُسَلَّمْ إلَّا بهِ، وإنْ كانَ الطعامُ الذي يُفْعَلُ في وليمةِ العرسِ مما ساقَه الزوجُ إلى ولي الزوجةِ وكانَ مشروطًا معَ العقدِ لصغيرةٍ وفعلَ ذلكَ جازَ التناولُ منهُ لمنْ يعتادُ لمثلِهِ كالقرابةِ وغيرِهم؛ لأنَّ الزوجَ


(١) لابن رشد الحفيد (٣/ ٥٢ - ٥٣) بتحقيقنا.
(٢) في (أ): "نقصانها".
(٣) في (ب): "يمتنعوا".
(٤) زيادة من (ب).