للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

معنَى منَ السنةِ هوَ الرفعُ إلا أنهُ رأى المحافظةَ على قولِ أنسٍ أوْلَى، وذلكَ لأنَّ كونَه مرفوعًا إنما هوَ بطريقٍ اجتهاديٍّ محتَمَلٍ والرفعُ نصٌّ، وليسَ للراوي أنْ ينقلَ ما هوَ محتمَلٌ إلى ما هوَ نصٌّ غيرُ مُحْتَمَلٍ. كذَا قالَهُ ابنُ دقيقِ العيدِ (١). وبالجملةِ إنَّهم لا يعنونَ بالسنةِ إلا سنةَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقدْ قالَ سالمٌ: وهلْ يعنونَ - يريدُ الصحابةَ - بذلكَ إلا سنةَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، والحديثُ قد أخْرَجَهُ أئمةٌ منَ المحدِّثينَ عنْ أنسٍ مرفُوعًا منْ طُرُقٍ مختلفةِ عنْ أبي قلابةَ، والحديثُ دليلٌ على إيثارِ الجديدةِ لمنْ كانتْ عندَه زوجةٌ. وقالَ ابنُ عبدِ البرِّ (٢): جمهورُ العلماءِ على أن ذلكَ حقٌّ للمرأةِ بسببِ الزفافِ سواءٌ كانتْ عندَه زوجةٌ أمْ لا واختارهُ النوويُّ (٣)، لكنَّ الحديثَ دلَّ على أنهُ فيمنْ كانتْ عندَه زوجةٌ. وقدْ ذهبَ إلى التفرقةِ بينَ البكرِ والثِّيبِ بما ذكرَ الجمهورُ فظاهرُ الحديثِ أنهُ واجبٌ، وأنهُ حق للزوجةِ الجديدةِ وفي الكل خلافٌ لم يقمْ عليهِ دليل يقاومُ الأحاديثَ، والمرادُ بالإيثارِ في البقاءِ عندَها ما كان متعارَفًا حالَ الخطابِ، والظاهرُ أن الإيثارَ يكونُ بالمبيتِ والقيلولة لا استغراقَ ساعاتِ الليلِ والنهار عندَها كما قالَه جماعةٌ، حتَّى قالَ ابنُ دقيقِ العيدِ إنهُ أفرطَ بعضُ الفقهاءِ حتَّى جعلَ مُقَامَهُ عندَها عُذْرًا في إسقاطِ الجمعةِ. وتجبُ الموالاةُ في السبعِ والثلاثِ، فلوْ فرَّقَ وجبَ الاستئنافُ ولا فَرْقَ بينَ الحرةِ والأمَةِ، فلو تزوَّجَ أُخْرَى في مدةِ السبعِ أو الثلاثِ، فالظاهرُ أنهُ يتمُّ ذلكَ لأنهُ قدْ صارَ مستَحَقًا لها.

٤/ ٩٩٧ - وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنها - أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا تَزَوّجَهَا أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، وَقَالَ: "إنهُ لَيسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانْ، إنْ شِئْتِ سَبعْتُ لَكِ، وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبّعْتُ لِنِسَائي"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٤). [صحيح]

(وعنْ أمِّ سلمةَ - رضي الله عنها - أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لما تزوَّجَها أقَامَ عندَها ثلاثًا وقالَ: إنهُ ليسَ بكَ على أهْلِكِ) يريدُ نفسَه (هوانٌ، إنْ شئتِ سبَّعْتُ لكِ) أي أتممتُ عندكِ سبعًا (وإنْ سَبَّعْتُ لكِ سَبَّعْتُ لنسائي. رواهُ مسلمٌ) وزاد في روايةٍ (٥): "إن شئتِ ثلثتُ ثم درتُ، قالت: ثلِّث"، وفي رواية (٦): "دخلَ عليها فلمَّا أرادَ أنْ يخرجَ أخذتْ


(١) في "إحكام الأحكام" (٤/ ٤١).
(٢) في "الاستذكار" (١٦/ ١٤١).
(٣) في "شرح صحيح مسلم" رقم (١٠/ ٤٥).
(٤) في "صحيحه" رقم (١٤٦٠).
(٥) في "صحيح مسلم" رقم (٤٢/ ١٤٦٠).
(٦) في "صحيح مسلم" رقم (٠٠٠/ ١٤٦٠).