للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبو داودَ منْ وجهٍ آخرَ أحسنَ منهُ أن ركانةَ طلَّقَ امرأتَه سهيمةَ) بالسين المهملةُ تصغيرُ سهمةٍ (البتةَ فقالَ: واللَّهِ ما أردت إلا واحدةً فردَّها إليهِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -). وأخرجَه أبو يعلى (١) وصحَّحَهُ وطُرُقُهُ كلهَا منْ روايةِ محمدِ بن إسحاقَ عنْ داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباسٍ. وقد عملَ العلماءُ بمثل هذا الإسنادِ في عدةٍ منَ الأحكامِ مثلُ حديثِ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - ردَّ ابنتَه علَى أبي العاصِ بالنكاحِ الأولِ، تقدَّمَ (٢).

وقدْ صحَّحَهُ أبو داودَ لأنهُ أخرجَهُ أيضًا منْ طريقٍ أُخْرَى وهيَ التي أشارَ إليها المصنفُ بقولِه أحسنُ منهُ، وهيَ أنهُ أخرجَه منْ حديثِ نافعِ بن عُجَيْرِ بن عبدِ يزيدَ بن ركانةَ أن ركانةَ، الحديثَ. وصحَّحَهُ أيضًا ابنُ حِبَّانَ (٣)، والحاكمُ (٤) وفيهِ خلافٌ بينَ العلماءِ بينَ مصحِّحٍ ومضعِّفٍ (٥). والحديثُ دليل على أن إرسالَ الثلاثِ التطليقاتِ في مجلسٍ واحدٍ يكونُ [تطليقة] (٦) واحدةً. وقدِ اختلَفَ العلماءُ في المسألةِ على أربعةِ أقوالٍ:

الأولُ: إنهُ لا يقعُ بها شيءٌ [لأنهُ] (٧) طلاقُ بدعةٍ. وهذا للنافين وقوع طلاق البدعة وتقدَّم ذِكْرُهم وأدلتُهم.

الثاني: إنهُ يقعُ بهِ الثلاثُ وإليهِ ذهبَ عمرُ وابنُ عباسٍ وعائشةُ وروايةٌ عنْ علي - رضي الله عنه - والفقهاءُ الأربعةُ وجمهورُ السلفِ والخلفِ. واستدلُّوا بآياتِ الطلاقِ وأنَّها لم تفرِّقْ بينَ واحدةٍ ولا ثلاثٍ. وأُجيْبَ بما سلفَ أنَّها مُطْلَقاتٌ تحتملُ التقييدَ بالأحاديثِ، واستدلُّوا بما في الصحيحينِ (٨) أن عويمرًا العجلانيَّ طلَّقَ امرأتَه ثلاثًا بحضرتِهِ - صلى الله عليه وسلم - ولم ينكرْ عليهِ فدلَّ على إباحةِ جَمْعِ الثلاثِ وعلى وقوعِها. وأجيبَ بأنَّ هذا التقريرَ لا يدلُّ على الجوازِ ولا على وقوعِ الثلاثِ؛ لأنَّ النَّهْيَ إنَّما هوَ فيما يكونُ في طلاقٍ رافعٍ لنكاحٍ كانَ مطلوبَ الدوامِ والملاعنُ أوقعَ الطلاقَ على ظن أنهُ بقيَ له إمساكُها ولم يعلمْ أنهُ باللعانِ حصلتْ فرقةُ الأبدِ


(١) في "المسند" رقم (١٥٣٨).
(٢) رقم (٨/ ٩٤٨) من كتابنا هذا.
(٣) في "الموارد" رقم (١٣٢١).
(٤) في "المستدرك" (٢/ ١٩٩).
(٥) والأصح أنه ضعيف كما تقدم قريبًا.
(٦) في (ب): "طلقة".
(٧) في (ب): "لأنها".
(٨) البخاري رقم (٥٢٥٩) و (٥٣٠٨) و (٥٣٠٩) و (٤٢٣) و (٤٧٤٥) و (٤٧٤٦) و (٦٨٥٤) و (٧١٦٥) و (٧١٦٦) و (٧٣٠٤)، ومسلم رقم (١٤٩٢).