للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سنةَ سبعٍ وخمسمينَ، وقيلَ: سنةَ ثمانٍ وخمسينَ ليلةَ الثلاثاءِ لسبعَ عَشْرَةَ خلتْ منْ رمضانَ، ودفنتْ بالبقيعِ وصلى عليها أبو هريرة، وكان خليفةَ مروانَ في المدينةِ.

(قَالَتْ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَغْسِلُ المَنِيَّ، ثمَّ يَخْرُجُ إلى الصَّلَاةِ في ذَلِكَ الثوبِ، وأَنا أَنْظُرُ إلى أَثَرِ الغُسْلٍ فيهِ. متَّفَقٌ عليهِ).

وأخرجهُ البخاريُّ أيضًا من حديثِ عائشةَ بألفاظٍ مختلفةٍ، وأنها كانتْ تغسلُ المنيَّ منْ ثوبهِ - صلى الله عليه وسلم - وفي بعضها: "وَأَثَرُ الغَسْل فِي ثَوْبِهِ بُقَعُ الماءِ" (١)، وفي لفظٍ: "فَيَخْرُجُ إلى الصلاةِ وإنَّ بُقَعَ الماءِ في ثوبه" (٢)، وفي لفظ: "وأثَرُ الغَسْلِ فيه بُقَعُ الماء" (٣)، وفي لفظ: "ثم أراهُ فيهِ بُقْعَةً أو بُقَعًا" (٤) إلَّا أنَّه قد قالَ البزارُ (٥): إنَّ حديثَ عائشة هذا مدارهُ على سليمان بن يسارٍ، ولم يسمعْ عنْ عائشةَ، وسبقهُ إلى هذا الشافعيُّ في "الأم" (٦) حكايةً عن غيرِه، وردَّ ما قالَة البزاز بأنَّ تصحيحَ البخاريِّ لهُ وموافقةَ مسلم لهُ على تصحيحهِ مفيدةٌ لصحةِ سماع سليمان من عائشةَ، وأن رفعهُ صحيحٌ (٧).

وهذا الحديثُ استدَلَّ به منْ قالَ بنجاسةِ المنيِّ؛ وهُم الهادوية، والحنفية، ومالكٌ، وروايةٌ عن أحمدَ، قالوا: لأنَّ الغسْلَ لا يكونُ إلَّا من نَجَسٍ، وقياسًا على غيرِه من فضلاتِ البدنٍ المستقذَرة مِنَ البولِ والغائطِ، لانصبابها الجميع إلى مقرٍّ، وانحلالِها عن الغذاءِ؛ ولأنَّ الأحداثَ الموجبة للطهارةِ نجسةٌ والمنيُّ منها؛ ولأنهُ يجري من مجرى البولِ فتعيَّنَ غسملة بالماءِ كغيرِه من النجاساتِ.

وتأوَّلُوا ما يأتي مما يفيدُه قولُهُ: (ولمسلمٍ) أيْ عنْ عائشةَ، روايةٌ انفردَ بلفظِها عن البخاريِّ وهي قوله: (لَقَدْ كُنْتُ أَفْرُكُهُ مِنْ ثَوْبِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَرْكًا) مصدرٌ تأكيديٌّ يقررُ أنها كانت تفركهُ وتحكة. والفركُ: الدلكُ، يقالُ: فركَ الثوبَ إذا دلكهُ (فيصلي فيهِ).

(وفي لفظ له)، أي: لمسلمٍ عنْ عائشةَ (لقد كنت أَحُكُهُ)، أي: المنيَّ حالَ كونهِ


(١) البخاري (١/ ٣٣٢ رقم ٢٣٠).
(٢) البخاري (١/ ٣٣٢ رقم ٢٢٩).
(٣) البخاري (١/ ٣٣٤ رقم ٢٣١).
(٤) البخاري (١/ ٣٣٥ رقم ٢٣٢).
(٥) ذكره ابن حجر في "التلخيص" (١/ ٣٣ - ٣٤).
(٦) (١/ ٧٤).
(٧) كما في "فتح الباري" (١/ ٣٣٤).