للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

طويلٍ، وأجملَ في روايةِ البخاريِّ هذهِ، وفسَّره في روايةٍ أخرجَها الشيخانِ (١) بأنهُ تحريمُه لماريةَ وأنهُ أسرَّه إلى حفصةَ فأخبرتْ بهِ عائشةَ، أو تحريمُه للعسلِ (٢)، وقيلَ: بلْ أسرَّ إلى حفصةَ أن أباها يلي أمرَ الأمةِ بعدَ أبي بكرٍ (١)، وقالَ: لا تخبري عائشةَ بتحريمي ماريةَ.

وثانيها: أن "السببَ في إيلائِه أنه فرَّقَ هديةً جاءتْ لهُ بينَ نسائِه، فلمْ ترضَ زينبُ بنتُ جحشٍ بنصيبها فزادَها مرةً أُخْرَى فلم ترضَ، فقالتْ عائشةُ: لقدْ أقمتَ وجْهَكَ تردُّ عليكَ الهديةَ، فقالَ: لأنتُن أهونُ على اللَّهِ منْ أنْ [يغمَّنِي] (٣)، لا أدخلُ عليكنَّ شَهْرًا"، أخرجَه ابنُ سعدٍ (٤) عنْ عمرةَ عنْ عائشةَ، ومنْ طريقِ الزهري عنْ [عمرةَ] (٥) عنْ عائشةَ نحوُه وقالَ: ذبحَ ذبحًا.

ثالثُها: أنهُ بسببِ طلبهنَّ النفقةَ، أخرجَه مسلمٌ (٦) منْ حديثِ جابرٍ. فهذهِ أسبابٌ ثلاثةٌ. أما [إفشاء] (٧) بعضِ نسائِه السرًّ وهيَ حفصةُ، والسرُّ أحدُ ثلاثةٍ: إما تحريمُه ماريةَ أو العسلَ، أو وجد أنه مع مارية، أو بتحريج صدْرِه منْ قِبَلِ ما فرَّق بينَهنَّ منَ الهديةِ، أو تضييقِهنَّ في طلبِ النفقةِ.

قالَ المصنفُ رَحمه اللهُ: [الأليَق] (٨) بمكارمِ أخلَاقِه - صلى الله عليه وسلم - وسعةِ صدرِه وكثرةِ صفحِه أن يكونَ مجموعُ هذهِ الأشياءَ سببًا لاعتزالهنَّ، فقولها: "وحرَّم"، أي حرَّمَ ماريَّةَ أو العسلَ، وليسَ فيهِ دليلٌ على أن التحريمَ للجماعِ حتَّى يكونَ منْ بابِ الإيلاءِ الشرعيِّ، فلا وجْهَ لجزمِ ابن بطالٍ وغيرِه أنهُ - صلى الله عليه وسلم - امتنعَ منْ جماعِ نسائِه


(١) لم أعثر عليه عند البخاري ومسلم.
بل أخرجه الطبراني في "الأوسط" رقم (٢٣١٦)، وأورده الهيثمي في "المجمع" (٧/ ١٢٧)، وقال: رواه الطبراني … من طريق موسى بن جعفر بن أبي كثير، عن عمه، قال الذهبي: مجهول ساقط، وخبره ساقط.
وأخرجه أيضًا العقيلي (٤/ ١٥٥) في ترجمة موسى بن جعفر هذا، وقال: لا يصح إسناده.
(٢) أخرجه البخاري (٨/ ٦٥٦ رقم ٤٩١٢)، ومسلم (٢/ ١١٠٠ رقم ١٤٧٤) من حديث عائشة.
(٣) في (أ): "تغمني".
(٤) في "الطبقات" (٨/ ١٩٠).
(٥) في (أ): "عروة".
(٦) في "صحيحه" رقم (٢٩/ ١٤٧٨).
(٧) في (ب): "لإفشاء".
(٨) في (ب): "الائق".