للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (١) قالُوا: فالآيةُ الكريمةُ فيها عمومٌ وخصوصٌ منْ وجْهٍ. وقولُه: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ} (٢) كذلكَ فجَمَعَ بينَ الدليلينِ بالعملِ بهمَا والخروجِ منَ العهدةِ بيقينٍ، بخلافٍ ما إذا عملَ بأحدِهما، وأجيبَ عنهُ بأنَّ حديثَ سبيعةَ نصٌّ في الحكمِ مبيِّنٌ بأنَّ آيةَ النساءِ القُصْرى شاملةٌ للمتوفَّى عنْها وأيدَ حديثُها ما سمعتَه منَ الأحاديثِ والآثارِ. وأما الروايةُ عنْ عليٍّ - رضي الله عنه - فقالَ الشعبيُّ: ما أصدِّقُ أن عليَّ بنَ أبي طالب كانَ يقولُ عدةُ المتوفَّى عنْها زوجُها آخرُ الأجلينِ. هذا وكلامُ الزهريِّ صريحٌ أَنهُ يعقدُ [عليها] (٣) وإن كانتْ لم تطهرْ منْ دمِ نفاسِها وإنْ حَرُمَ وطؤُها لأجلِ علةٍ أخْرى هيَ بقاءُ الدمِ.

وقالَ النوويُّ في شرحِ مسلمٍ (٤): "قالَ العلماءُ منْ أصحابنَا وغيرِهم سواءٌ كانَ الحملُ ولدًا أو أكثرَ، كاملَ الخِلْقةِ أو ناقصَها أو علقةً أَو مضغةً، فإنَّها تنقضي العدةُ بوضْعِهِ إذا كانَ فيهِ صورةُ خِلْقةِ آدميٍّ سواءٌ كانتْ صورةً خفيةً تختصُّ النساءِ بمعرفتها أو صورةً جليةً يعرفُها كلُّ أحدٍ". وتوقَّفَ ابنُ دقيقِ العيدِ رحمه الله فيهِ منْ أجلِ أن الغالبَ في إطلاقِ وضعِ الحمْلِ هوَ الحملُ التامُّ المتخلقُ، وأما خروجُ المضغةِ والعلقةِ فهوَ نادرٌ والحملُ على الغالبِ أقْوَى.

قالَ المصنفُ (٥): "ولهذَا نُقِلَ عن الشافعيِّ قولٌ بأنَّ العدةَ لا تنقضي بوضعِ قطعةِ لحمٍ ليسَ فيها صورةٌ بَيِّنةٌ ولا خفيةٌ". وظاهرُ الحديثِ والآيةِ الإطلاقُ فيما يتحققُ كونه حَمْلًا، وأما ما لا يتحققُ كونُه حملًا فلا لجوازِ أنهُ قطعةُ لحمِ والعِدَّةُ لازمةً بيقينٍ فلا تنقضي بمشكوكٍ فيهِ.

٢/ ١٠٤٠ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: أُمِرَتْ بَريرَةُ أَن تَعْتَدَّ بثَلَاثِ حِيَض.

رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ (٦) وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، لكِنَّهُ مَعلُولٌ. [صحيح]


(١) سورة البقرة: الآية ٢٣٤.
(٢) سورة الطلاق: الآية ٤.
(٣) في (ب): "بها".
(٤) (١٠/ ١٠٩).
(٥) في "فتح الباري" (٩/ ٤٧٥).
(٦) في "السنن" رقم (٢٠٧٧).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (٢/ ١٣٨ رقم ٧٧١/ ٢٠٧٣): "هذا إسناد صحيح=