للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بكسرِ الهمزةِ (فجاءتِ امرأةٌ) قالَ المصنفُ (١): لم أعرفِ اسْمَها (فقالت: قد أرضعتُكما فسأل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: كيفَ وقدْ قيلَ؟ ففارقَها عقبة فنكحتْ زوجًا غيرَه. أخرجَه البخاريُّ). الحديثُ دليلٌ على أن شهادةَ المرضعةِ وحدَها [تُقْبَلُ] (٢)، وبوَّبَ على ذلكَ البخاريُّ، وإليهِ ذهبَ ابنُ عباسٍ وجماعةٌ منَ السلفِ وأحمدُ بنُ حنبل (٣). وقالَ أبو عبيدٍ: يجبُ على الرجلِ المفارقةُ، ولا يجبُ على الحاكمِ الحكمُ بذلكَ.

قالَ مالكٌ (٤): إنهُ لا يقبلُ في الرَّضاعِ إلا امرأتانِ. وذهبتِ الهادويةُ (٥) والحنفيةُ إلى أنَّ الرضاعَ كغيرهِ لا بدَّ منْ شهادةِ رجليْنِ أو رجلٍ وامرأتينِ، ولا تكفي شهادةُ المرضعةِ لأنَّها تقرَّرَ فعلُها. قالَ الشافعيُّ: [تُقْبَلُ شهادةُ] (٦) المرضعةِ معَ ثالثِ نسوةٍ بشرطِ أنْ لا تعرضَ بطلبِ أُجْرَةٍ، قالُوا: وهذا الحديثُ محمولٌ على الاستحبابِ والتحرُّزِ عنْ مظانِّ الاشتباهِ.

وأُجِيبَ بأنَّ هذَا خلافُ الظاهرِ سيَّما وقدْ تكررَ سؤالُه للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أربعَ مراتٍ وأجابَهُ بقولِه: "كيفَ وقدْ قيلَ"؟ وفي بعضِ ألفاظِهِ "دَعْها". وفي روايةٍ الدارقطنيِّ (٧): "لا خيرَ لكَ فيها"، ولوْ كانَ منْ بابِ الاحتياطِ لأَمَرَه بالطلاقِ مع أنهُ في جميعِ الرواياتِ لم يذكرِ الطلاقَ فيكونُ هذا الحكمُ [مخصوصًا] (٨) منْ عمومِ الشهادةِ المُعْتَبَرِ فيها العددُ. وقدِ اعتبرْ ذلكَ في عوراتِ النساءِ فقلتُم: يكفي شهادةِ امرأةٍ واحدةٍ، والعلةُ عندَهم فيهِ أنهُ قلَّما يَطَّلِعُ الرجالُ على ذلكَ فالضرورةُ داعيةٌ إلى اعتبارِه، فكذا هُنَا.

١١/ ١٠٦٨ - وَعَنْ زيَادٍ السّهْمِيِّ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: أنْ تُسْتَرْضَعَ الْحَمْقَاء. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ (٩)، وَهُوَ مُرْسَلٌ، ولَيْسَتْ لِزيَادٍ صُحْبَةٌ. [مرسل]


(١) في "فتح الباري" (٩/ ١٥٣).
(٢) في (أ): "يُقبل".
(٣) انظر: "المغني" لابن قدامة (١١/ ٣٤٠ - ٣٤٢).
(٤) انظر: "بداية المجتهد" (٣/ ٧١ - ٧٢) بتحقيقنا.
(٥) انظر: "البحر الزخار" (٣/ ٢٧٠).
(٦) زيادة من (ب).
(٧) في "السنن" (٤/ ١٧٧ رقم ١٩).
(٨) في (أ): "مخصوص".
(٩) في "المراسيل" رقم (٢٠٧). =