للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مستويانِ في قدْرِ المأكولِ وإنَّما يختلفانِ في الجوْدةِ وغيرِها. قال النوويُّ (١): وهذَا الحديثُ حجةٌ على منِ اعتبرَ التقديرَ. قالَ المصنفُ (٢): تعقُّبًا لهُ ليسَ صَريْحًا في الردِّ عليهمْ ولكنَّ التقديرِ بما ذكرَ يحتاج إلى دليل فإنْ ثبتَ حملتِ الكفايةُ في ذلكَ الحديثِ على ذلكَ المقدارِ. وفي قولِها: إلا ما أخذتْ منْ مالهِ، دليلٌ على أن للأُمِّ ولايةً في الإنفاقِ على أولادها مع تَمَرُّدِ الأبِ، ودليل أن مَنْ تعَذَّرَ عليهِ استيفاءُ ما يجبُ، لهُ [أنْ] (٣) يأخذَهُ، لأنهُ - صلى الله عليه وسلم - أقرَّها على الأخْذِ في ذلكَ ولم يذكرْ لها أنهُ حرامٌ، وقدْ سألَتْهُ هلْ عليها جُنَاحٌ؟ فأجابَ بالإباحةِ لها في المستقبلِ وأقرَّها على الأخْذِ في الماضي. وقدْ وردَ في بعضِ [ألفاظِ الحديثِ] (٤) في البخاريِّ (٥): "لا حرجَ عَلَيْكَ أنْ تطعِمِيهُمْ بالمعروفِ". وقولُه: "خُذِي ما يكفيكِ وولدَكِ" يحتملُ أنَّهُ فُتيا منهُ - صلى الله عليه وسلم -، ويحتملُ أنهُ حكمٌ. وفيهِ دليل على الحكمِ على الغائبِ منْ دونِ نَصْبٍ عنهُ، وعليهِ بوَّبَ البخاريُّ (٦) بابُ القضاءِ على الغائبِ وذكرَ هذا الحديثَ، لكنَّهُ قالَ النوويُّ (٧): شرطُ القضاءِ على الغائبِ أنْ يكونَ غائبًا عن البلدِ أو متعززًا لا يقدرُ عليهِ أو متعذرًا، ولم يكن أبو سفيانَ فيهِ شيءٌ من هذا بلْ كانَ حاضرًا في البَلدِ فلا يكونُ هذَا منَ القضاءِ على الغائب إلَّا أنهُ قدْ [أخرجه] (٨) الحاكمُ في تفسيرِ [سورة] (٩) الممتحنةِ في "المستدركِ" (١٠) أنهُ - صلى الله عليه وسلم - لما اشترطَ في البيعة على النساءِ ولا يسرقْنَ قالتْ هندٌ: لا أبايعكَ على السرقة إني أسرقُ من مال زَوْجِي، فكفَّ حتَّى أرسلَ إلى أبي سفيان يتحللُ لها منهُ فقالَ: أما الرطبُ فنعمْ وأما اليابسُ فلا، وهذا المذكورُ يدلُّ على أنهُ قَضَى على حاضرٍ إلا أنهُ خلافُ مما بوَّبَ لهُ البخاريُّ، [وكأنَّهُ لم يصح له زيادة الحاكم] (١١).


(١) في "شرح صحيح مسلم" (١٢/ ٧).
(٢) في "فتح الباري" (٩/ ٥٠٩).
(٣) في (أ): "كان له أن".
(٤) في (ب): "ألفاظه".
(٥) (٢٣٢٨ - البغا).
(٦) صحيحه (١٣/ ١٧١ رقم الباب ٢٨ - مع "الفتح").
(٧) في "شرح صحيح مسلم" (١٢/ ٨).
(٨) في (ب): "أخرج".
(٩) زيادة من (أ).
(١٠) (٢/ ٤٨٦) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
(١١) زيادة من (أ).