للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٥/ ١٠٧٣ - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: في حَدِيثِ الْحَجِّ بطُولِهِ، قَالَ في ذِكْرِ النِّسَاءِ: "وَلَهُنَّ عَلَيكُمْ رِزْقُهُن وَكِسْوَتُهُن بِالمَعْرُوفِ" أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (١). [صحيح]

(وعنْ جابرٍ في حديثِ الحجِّ بطولِهِ قالَ في ذِكْرِ النساء: ولهنَّ عليكمْ رزْقُهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف. أخرجَه مسلمٌ) وهوَ دليل على وجوبِ النفقة والكسوةِ للزوجةِ كما دلتْ لهُ الآيةُ وهوَ مُجْمَعٌ عليهِ. وقدْ تقدَّم تحقيقُه وقولُه بالمعروفِ إعلامٌ بأنهُ لا يجبُ إلا ما تُعُورِفَ منْ إنفاقِ كل على قدْرِ حالِه كما قالَ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} (٢)، ثمَّ الواجبُ لها طعامٌ مصنوعٌ لأنه الذي يصدقُ عليهِ أنهُ نفقةٌ ولا تجبُ القيمةِ إلَّا برِضَا مَنْ يجبُ عليهِ الإنفاقُ. وقدْ طوَّلَ ذلكَ ابنُ القيِّم (٣) واختارهُ وهوَ الحقُّ فإنهُ قالَ ما لفظُه: وأما فرضُ الدراهمِ فلا أصْلَ لهُ في كتابِ اللَّهِ تعالَى ولا سنةِ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -[ولا روي] (٤) عنْ أحدِ منَ الصحابةِ ألبَتةَ ولا التابعينَ ولا تابعيهِمْ ولا نصَّ عليهِ أحدٌ منَ الأئمةِ الأربعةِ ولا غيرِهم منْ أئمةِ الإسلامِ واللَّهُ تعالَى أوجبَ نفقةَ الأقاربِ والزوجاتِ والرقيقِ بالمعروفِ، وليسَ منَ المعروفِ فرضُ الدراهمِ بلِ المعروفُ الذي نصَّ عليهِ الشرعُ أنْ يكسُوَهم مما يَلْبَسُ ويُطْعِمُهم مما يأكلُ، ولَيْسَتِ الدراهمُ منَ الواجبِ ولا عوضِه ولا صحَّ الاعتياضُ عمَّا لم يستقرَّ ولم يُمْلَكْ فإنَّ نفقةَ الأقاربِ والزوجاتِ إنَّما تجبُ يومًا [فيومًا] (٥) ولوْ كانتْ مستقرةً لم تصحُّ المعارضةُ عنْها بغيرِ رِضا الزوجِ والقريبِ، فإنَّ الدراهمَ تُجْعَلُ عِوَضًا عن الواجبِ الأصليِّ وهوَ إما البرُّ عندَ الشافعيِّ أو المُقتاتُ عندَ الجمهورِ، فكيفَ يجبرُ على المعاوضةِ على ذلكَ بدراهمَ منْ غيرِ رِضَا ولا إجبارِ الشرعِ لهُ على ذلكَ، هذا مخالفٌ لقواعدِ الشرعِ ونصوصِ الأئمةِ ومصالحِ العبادِ. ولكنْ إنْ اتفقَ المنفِقُ والمنفَقُ عليهِ جازَ باتفاقِهِمَا. على أن في اعتياضِ الزوجةِ عن النفقةِ الواجبةِ لها نزاع معروف في مذهبِ الشافعي وغيرهِ.


(١) في "صحيحه" رقم (١٢١٨).
(٢) سورة الطلاق: الآية ٧.
(٣) في "الهدي النبوي" (٥/ ٤٩٠ - ٥٠٢).
(٤) في (ب): "ولا".
(٥) في (ب): "فيوم".