للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الخالةُ بمنزلةِ الأمِّ. أخرجَهُ البخاريُّ، وأخرجه أحمدُ منْ حديثِ عليٍّ - رضي الله عنه - قالَ: والجاريةُ

عندَ خالتِها فإنَّ الخالةَ والدةٌ). والحديثُ دليلٌ على ثبوتِ الحضانةِ للخالةِ وأنَّها كالأم، ومقتضاهُ أن الخالةَ أَوْلَى منَ الأبِ ومِنْ أم الأمِّ، ولكن خصَّ ذلكَ الإجماعُ وظاهرُه أن حضانةَ [الخالة] (١) المزوَّجةِ أَوْلَى منَ الرجالِ، فإنَّ عصبة المذكورةِ [رجال] (٢) موجودونَ [طالبوا بالحضانة] (٣) كما دلتْ لهُ القصةُ، واختصامُ عليٍّ - رضي الله عنه - وجعفرٍ وزيدِ بن حارثةَ وقد سبقتْ وأنهُ قَضَى بِهَا للخالةِ وقالَ: "الخالةُ بمنزلةِ الأمِّ" (٤). وقدْ وردتْ رواية في القصةِ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بها لجعفرٍ فاستشكلَ القضاءُ بها لجعفرٍ فإنهُ ليسَ محْرمًا، وهوَ وعليٌّ - رضي الله عنهما - سواءٌ في القرابةِ لها.

وجوابُه أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قَضى بها لزوجةِ جعفرٍ وهيَ خالتُها فإنَّها كانتْ تحتَ جعفرٍ لكنْ لَمَّا كانَ المنازعُ جعفرَ إذ قالَ في محل الخصومةِ: بنتُ عمِّي وخالتُها تحتي أي زوجتي قَضَى بِهَا لِجَعفرٍ لما كانَ هوَ الطالب ظاهرًا وقالَ: الخالةُ بمنزلةِ الأمِّ إبانةً بأنَّ القضاءَ للخالةِ، فمعنَى قولِه: قَضى بها لجعفرٍ قضَى بِها لزوجةِ جعفرٍ وإنَّما أوقَعَ القضاءَ عليهِ لأنهُ الطالبُ ولا إشْكالَ في هذَا. إلَّا أنهُ استشكلَ ثانيًا بأنَّ الخالةَ مزوَّجة ولا حق لها في الحضانةِ لحديثِ: "أنتِ أحقُّ بهِ ما لم تَنْكِحِي" (٥). والجوابُ عنهُ أن الحقَّ في المزوَّجةِ للزوجِ وإنَّما [سقطت] (٦) حضانتُها لأنَّها تشتغلُ بالقيامِ بحقه وَخِدْمتِهِ فإذَا رَضيَ الزوجُ بأنَّها تحْضنُ مَنْ لها حق في حضانتِه وأحبَّ بقاءَ الطفلِ في حجرِه لم يسقطْ حقُّ المرأةِ منَ الحضانةِ. وهذهِ القصةُ دليلُ [هذا] (٧) الحكم، وهذا مذهبُ الحسنِ والإمامِ يحيى وابنِ حزمٍ وابن جريرٍ؛ ولأنَّ النكاحَ للمرأةِ إنّما يُسْقِطُ حضانةَ الأمِّ وحْدَها حيثُ كانَ المنازعُ لها الأبُ، وأما غيرُها فلا يُسْقِطُ حقَّها منَ الحضانةِ بالتزويج أو الأمِّ والمنازعُ لها غيرُ الأبِ، يؤيِّدُه ما عرفَ من أن المرأةَ المطلَّقةَ يشتدُّ بغضُها للزوجِ المطلِّقِ ومَنْ يتعلَّقُ به، فقد يبلغ بها الشأنُ إلى إهمالِ ولده مِنْهُ قصدًا لإغاظتِه، وتبالغُ في


(١) في (ب): "المرأة".
(٢) في (ب): "من الرجال".
(٣) في (ب): "طالبون للحضانة".
(٤) تقدم تخريجه في حديث الباب.
(٥) تقدم تخريجه رقم (١/ ١٠٨١) من كتابنا هذا.
(٦) في (ب): "فقط".
(٧) زيادة من (أ).