للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في رجلٍ قَتَلَ بالمزدلفةِ إلَّا أنَّ السببَ لا [يخصص] (١) بهِ إلَّا أنْ يُقَالَ الإضافةُ عهديةٌ والمعهودُ حرمُ مكةَ.

وقدْ ذهبَ الشافعيُّ إلى التغليظِ [بالديةِ] (٢) على مَنْ وقعَ منهُ قَتْلُ الخطأِ في الحرمِ أو قَتل محرِمًا منَ النسبِ أو قَتَلَ في الأشهرِ الحرُمِ، قالَ: لأنَّ الصحابةَ غلَّظُوا في هذهِ [الأمورِ] (٣). وأخرجَ السديُّ عنْ مُرَّةَ عنِ ابنِ مسعودٍ قالَ: "ما مِنْ رجلٍ يهمُّ بسيئةٍ فتكتبُ عليهِ إلَّا أنَّ رجلًا لَوْ هَمَّ بعدنٍ أنْ يقتلَ رجلًا بالبيتِ الحرامِ إلَّا أذاقَه اللهُ تعالَى منْ عذابٍ أليمٍ" (٤)، وقدْ رَفَعَهُ في روايةٍ.

قلتُ: وهذا مبنيٌّ علَى أنَّ الظرفَ في قولِه تعالَى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (٥) متعلِّقٌ بغيرِ الإرادةِ بلْ بالإلحادِ وإنْ كانتِ الإرادةُ في غيرِه والآيةُ محتمَلَةٌ. ووردَ في التغليظِ في الديةُ حديثُ عمروِ بنِ شعيبٍ مرفُوعًا بلفظِ: "عَقْلُ شِبْهِ العمْدِ مغلَّظٌ مِثْلُ قَتْلِ العمْدِ ولا يقتلُ صاحبُه، وذلكَ أنْ ينزوَ الشيطانُ بينَ الناسِ فتكونُ دماءٌ في غيرِ ضَغِينَةٍ ولا حَمْلِ سلاحٍ"، رواهُ أحمدُ (٦) وأبو داودَ (٧).

الثاني: مَنْ قتلَ غيرَ قاتلِه، أي منْ كانَ لهُ دمٌ عندَ شخصٍ فيقتلُ رجلًا آخرَ غيرَ مَنْ عندَه لهُ الدمُ سواءٌ كانَ له مشاركةٌ في القتلِ أوْ لا.

الثالثُ: قولُه: (أو قَتَلَ لِذَحْلِ الجاهليةِ)، تقدَّم تفسيرُ الذَّحْلِ وهوَ العداوةُ [أيضًا، و] (٨) قدْ فسَّرَ الحديثَ حديثُ أبي شريحٍ الخزاعيِّ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "أعتى الناسِ مَنْ قَتَلَ غيرَ قاتِلِه، أوْ طُلِبَ بدمٍ في الجاهليةِ منْ أهلِ الإسلامِ، أوْ بصَّرَ عينيه ما لم تبصرْ"، أخرجَهُ البيهقيُّ (٩).


(١) في (ب): "يخصُّ".
(٢) في (ب): "في الدية".
(٣) في (ب): "الأحوال".
(٤) أخرجه الثوري في تفسيره عن السديِّ عن مُرَّة عن ابن مسعود بسند صحيح كما في "فتح الباري" (١٢/ ٢١٠).
(٥) سورة الحج: الآية ٢٥.
(٦) كما في "الفتح الرباني" (١٦/ ٥٢ رقم ١٣٤).
(٧) في "السنن" رقم (٤٥٦٥)، وهو حديث حسن.
(٨) زيادة من (ب).
(٩) في "السنن الكبرى" (٨/ ٢٦).