للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومعناه يجب ردها لأن الحدود لا تقبل الفداء (وعلى ابنِكَ جلدُ مائةٍ وتغريبُ عامٍ) كأنهُ - صلى الله عليه وسلم - قدْ علمَ أنهُ غيرُ محصَنٍ وقدْ كانَ اعترفَ بالزِّنَى (واغدُ يا أُنَيْسُ) تصغيرُ أَنَسٍ (١) رجلٌ منَ الصحابةِ لا ذِكْرَ لهُ إلَّا في هذا الحديثِ [وهو عبد أنس بن مالك] (٢) (إلى امرأةِ هذَا فإنِ اعترفتْ فارجُمْها. متفقٌ عليهِ وهذا اللفظُ لمسلمٍ).

الحديثُ دليلٌ على وجوبِ الحدِّ على الزاني غيرِ المحصَنِ مائةِ جلدةٍ وعليهِ دلَّ القرآنُ، وأنهُ يجبُ عليهِ تغريبُ عامٍ وهوَ زيادةٌ على ما دلَّ عليهِ القرآنُ، ودليلٌ علَى أنهُ يجبُ الرَّجْمُ على الزَّاني المحصَنِ وعلَى أنهُ [يكتفي] (٣) في الاعترافِ بالزِّنَى مرةً واحدةً كغيرِه منْ سائرِ الأحكامِ، وإلى هذَا ذهبَ الحسنُ ومالكٌ والشافعيُّ وداودُ وآخرونَ (٤) وذهبتِ الهادويةُ والحنفيةُ والحنابلةُ وآخرونَ (٥) إلى أنهُ يُعْتَبَرُ في الإقرارِ بالزِّنَى أربعُ مراتٍ مستدلِّينَ بما يأْتي منْ قصةِ ماعِز ويأتي الجوابُ عنهُ في [شرحه] (٦).

وأمْرُهُ - صلى الله عليه وسلم - أُنَيْسًا بِرَجْمِها بعدَ اعترافِها دليلٌ لِمَنْ قالَ بجوازِ حُكْمِ الحاكمِ في الحدودِ ونحوِها بما أقرَّ بهِ الخصمُ عندَه وهوَ أحدُ قولَيْ الشافعيِّ وبهِ قالَ أبو ثورٍ كما نقلَه [القاضي] (٧) عياضٌ.

وقالَ الجمهورُ: لا يصحُّ ذلكَ، قالُوا: وقصةُ أُنَيْسٍ [يتطرقها] (٨) احتمالُ الأَعذَارِ وأنَّ قولَه فارجمْها بعدَ إعلامي أوْ أنهُ فوَّضَ الأمرَ إليهِ، والمعنَى فإذا اعترفتْ بحضرةِ مَنْ يثبتُ ذلكَ بقولهم حَكَمْتَ.

قلتُ: ولا يخْفَى أنَّ هذهِ تكلَّفاتٌ، واعلمْ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - لم يبعثْ إلى المرأةِ لأَجْلِ


(١) هو أنيس بن الضحاك الأسلمي، وغلط من زعم أنه أنس بن مالك، صغَّره النبي - صلى الله عليه وسلم - عند خطابه.
(٢) زيادة من (أ).
(٣) زيادة من (أ).
(٤) انظر: "قوانين الأحكام الشرعية" لابن جزي (ص ٣٨٥)، و"مغني المحتاج" (٤/ ١٥٠)، و"موسوعة فقه الحسن البصري" (١/ ١٥٧)، و"الإمام داود الظاهري" (ص ٦٦٩).
(٥) انظر: "المغني" (١٠/ ١٦٠ مسألة رقم ٧١٧٢)، و"الاعتصام" للقاسم بن محمد (٥/ ٧١) و"شرح فتح القدير" لابن الهمام (٥/ ٥٣).
(٦) في (ب): "شرح حديثه".
(٧) زيادة من (ب).
(٨) في (ب): "يطرقها".