للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ظاهرُ قولِه: "فإذا وضعتْ فائتني بها ففعلَ"، أنهُ وقعَ الرَّجْمُ عَقيبَ الوضْعِ، إلَّا أنهُ ثبتَ في روايةٍ أُخْرَى لمسلم (١) أنَّها رُجِمَتْ بعدَ أن فَطَمَتْ ولدَها وأتتْ بهِ وفي يدهِ كِسْرةُ خُبْزٍ. ففي روايةِ الكتابِ طيٌّ واختصارٌ.

قالَ النوويُّ (٢) بعدَ ذِكْرِ الروايَتَينِ: وهُمَا في صحيحِ مسلمٍ ظاهرُهما الاختلافُ، فإنَّ الثانيةَ صريحةٌ في أنَّ رجْمَها كانَ بعدَ فطامِهِ وأكلِهِ الخبزَ، والأُوْلَى [أن] (٣) رجمَها عقيبَ الولادةِ، فيجبُ تأوبلُ الأُوْلَى وحمْلُها على وفْقِ الثانيةِ، فيكونُ قولُه في الروايةِ الأُوْلَى: "قامَ رجلٌ منَ الأنصارِ فقالَ - إلى - رضاعِهِ"، إنَّما قالَه بعدَ الفطامِ. وأرادَ برضاعِهِ كفالتَه وتربيتَه، وسمَّاهُ رضَاعًا مجازًا. انتَهى [باختصارٍ] (٤).

والحديثُ دليلٌ على وجوبِ الرَّجْمِ وتقدَّمَ الكلامُ فيهِ، وأما شدُّ ثيابها عليها فِلأَجْلِ أنْ لا تُكْشَفَ عندَ اضطرابِها منْ مسِّ الحجارةِ. واتفقَ العلماءُ (٥) أنَّ المرأةَ تُرْجَمُ قاعدةً والرجلُ قائمًا، إلَّا عندَ مالكٍ (٦) فقالَ: قاعِدًا، وقيلَ: يتخيَّرُ الإمامُ بينَهما.

وفي الحديثِ دليلٌ على أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - صلَّى على المرأةِ بنفسِه إنْ صحَّتِ الروايةُ، فصلَّى [للبناء] (٧) للمعلومِ، إلَّا أنهُ قالَ الطبراني (٨): إنَّها بضمِّ الضادِ وكسرِ اللامِ، قالَ: وكذَا هوَ في روايةِ ابنِ أبي شيبةَ وأبي داودَ. وفي روايةٍ لأبي داودَ (٩): فأمرَهُم أنْ يصلُّوا، ولكنَّ أكثرَ الرواةِ لمسلمٍ بفتحِ الصادِ وفتحِ اللامِ. وظاهرُ قولِ عمرَ: تصلي عليْها، أنهُ - صلى الله عليه وسلم - باشرَ الصلاةَ بنفسِه، فيؤيد روايةَ الأكثرِ لمسلم. والقولُ بأنَّ المرادَ منْ صلَّى ويُصلِّي أي تأمروا وأنهُ أُسْنِدَ إليهِ - صلى الله عليه وسلم -[لأنه] (١٠) الآمرَ خلافُ


(١) سبق في تعليق رقم (١).
(٢) "شرح النووي" (١١/ ٢٠٢).
(٣) في (ب): "أنه".
(٤) زيادة من (ب).
(٥) انظر: "الفقه الإسلامي وأدلته" لوهبة الزحيلي (١/ ٦١).
(٦) "بداية المجتهد" لابن رشد (٤/ ٣٨٢) بتحقيقنا.
(٧) في (ب): "بالبناء".
(٨) في "المعجم الكبير" (١٨/ ١٩٧ - ١٩٨ رقم ٤٧٥ و ٤٧٦ و ٤٧٧ و ٤٧٨ و ٤٧٩)، وقد تقدم.
(٩) في "السنن" (٤٤٤٠).
(١٠) في (ب): "لكونه".