للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

دينار، ثمَّ أخبرَ الراوي هُنَا أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قطعَ في ثلاثةِ دراهمَ، ما ذاكَ إلَّا [أنَّها] (١) ربْعُ دينارٍ إلَّا لنا في قولِه: "ولا تقطعُوا فيما هوَ أدنَى منْ ذلكَ"، وقولُه هُنَا: "قيمتُه" هذا هوَ المعتَبَرُ، أعني القيمةَ. ووردَ في بعضِ ألفاظِ هذا الحديثِ عند الشيخَيْنِ (٢) بلفظِ: "ثمنهُ ثلاثةُ دراهمَ"، قالَ ابنُ دقيقِ العيدِ (٣): المعتَبَرُ القيمةُ، وما وردَ في بعضِ الرواياتِ مِنْ ذِكْرِ الثَّمنِ فكأنهُ لتساوْيهِمَا عندَ الناسِ في ذلكَ الوقتِ أوْ في عُرْفِ الراوي أوْ باعتبارِ الغلَبَةِ، وإلَّا فلوِ اختلفتِ القيمةُ والثمنُ الذي شَرَاهُ بهِ مالِكُه لم [تعتبر] (٤) إلا القيمةُ.

٤/ ١١٥٢ - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَعَنَ اللهُ السَّارِقَ، يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضًا (٥). [صحيح]

(وعنْ أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: لعنَ الله السارقَ يسرقُ البيضةَ فَتُقْطَعُ يدُه، ويسرقُ الحبلَ فتقطعُ يدُه. متفقٌ عليهِ).

تقدَّم أنهُ منْ أدلَّةِ الظاهريةِ (٦)، ولكنه مُؤَوَّلٌ بما ذكرَ قريبًا، والموجبُ تأويلهِ ما عرفْتَهُ منْ قولِه في المتَّفَقِ عليهِ: "لا تُقْطَعُ يدُ السارقِ إلَّا في ربْعِ دينارٍ" (٧)، وقولِه فيما أخرجَهُ أحمدُ (٨): "ولا تقطعُوا فيما هوَ أدنَى منْ ذلكَ، فتعيَّنَ تأويلُه بما ذكرنَاهُ.

وأما تأويلُ الأعمشِ (٩) لهُ بأنهُ أُرِيْدَ بالبيضةِ بيضةُ الحديدِ وبالحبْلِ حبلُ السفنِ، فغيرُ صحيحٍ، لأنَّ الحديثَ ظاهرٌ في التهجينِ علَى السارقِ لتفويتِه العظيمِ بالحقيرِ. قيلَ: فالوجْهُ في تأويلِه أنَّ قولَه: فتقطعُ، خَبَرٌ، لا أمرٌ ولا فِعْلٌ، وذلكَ


(١) في (ب): "لأنها".
(٢) البخاري (٦٧٩٥)، ومسلم (٦/ ١٦٨٦).
(٣) "فتح الباري" (١٢/ ١٠٥).
(٤) في (ب): "يعتبر".
(٥) البخاري (٦٧٨٣)، ومسلم (٧/ ١٦٨٧). قلت: وأخرجه أحمد (٢/ ٢٥٣)، والنسائي (٨/ ٦٥)، وابن ماجه (٢٥٨٣)، والبيهقي (٨/ ٢٥٣).
(٦) "المحلى" (١١/ ٣٥١).
(٧) انظر تخريج الحديث رقم (١/ ١١٤٩).
(٨) انظر تخريج الحديث رقم (٢/ ١١٥٠).
(٩) "فتح الباري" (١٢/ ٨٢).