للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قالَ الشافعيُّ (١): رداءُ صفوانَ كانَ مُحْرَزًا باضِّطِجَاعهِ عليهِ. وإلى هذَا ذهبَ الشافعيُّ والحنفيةُ والمالكيةُ (٢)، قالَ في "نهايةِ المجتهد" (٣): وإذا توسَّدَ النائمُ شيئًا فتوسُّدُه حرْزٌ له على ما جاءَ في رداءِ صفوانَ، قالَ في "الكنز" (٤) للحنفيةِ: ومَنْ سرقَ منَ المسجدِ متاعًا وربُّه [ومالكه] (٥) عندَه يُقْطَعُ؛ لأنه وإنْ كانَ غيرَ مُحْرَزٍ بالحائِطِ لأنَّ المسجدَ ما بني لإحرازِ الأموالِ فلمْ يكنِ المالُ مُحْرَزًا بالمكانِ، انتَهى.

وتقدَّمَ الخلافُ في الحرزِ واختلَفَ القَائلونَ بشرْطِيَّتِهِ، فقالَ الشافعي ومالكٌ والإمامُ يَحْيى (٦): إنَّ لكلِّ مالٍ حِرْزًا يخصُّه، فَحِرْزُ الماشيةِ ليسَ حرزُ الذهبِ والفضةِ.

وقالَ الهادويةُ والحنفيةُ (٧): ما أُحْرِزَ فيهِ مالٌ فهوَ حِرْز لغيرِه، إذِ الْحِرزُ ما وُضِعَ لمنعِ الداخلِ والخارجِ ألَّا يخرجَ، وما كانَ ليسَ كذلكَ فليسَ بحرزٍ لا لغةً ولا شَرْعًا، وكذلكَ قالُوا: المسجدُ والكعبةُ حرزانِ لآلاتِهِمَا ولكسوتِهِمَا.

واختلفَوا في القبرِ هلْ هوَ حرزٌ للكفنِ فيقطعُ آخذُه أو ليسَ بحرزٍ؟ فَذَهَبَ إلى أنَّ النباشَ سارقٌ جماعةٌ منَ السلفِ والهادي والشافعيُّ ومالكٌ (٨) وقالُوا: يُقْطَعُ؛ لأنَّهُ أَخَذَ المالَ خُفْيَةً منْ حرزٍ لهُ، وقدْ رُوِيَ عنْ عليٍّ عَلَيْه السَّلام وعائشةَ (٩) وقالَ الثوريُّ وأبو حنيفةَ (١٠): لا يقطعُ النباشَ لأنَّ القبرَ ليسَ بحرزٍ.


(١) "الأم" (٦/ ١٦٠).
(٢) "الأم" (٦/ ١٦٠)، و"بداية المجتهد" (٤/ ٤٠٦)، و"كشف الحقائق" (١/ ٢٩٨).
(٣) "بداية المجتهد" (٤/ ٤٠٦) بتحقيقنا.
(٤) "كشف الحقائق" (١/ ٢٩٨).
(٥) زيادة من (أ).
(٦) "مغني المحتاج" (٤/ ١٦٤ - ١٦٩)، و"بداية المجتهد" (٤/ ٤٠٦)، و"البحر الزخار" (٥/ ١٧٩).
(٧) "البحر الزخار" (٥/ ١٧٩)، و"شرح فتح القدير" (٥/ ١٤٤ - ١٤٥).
(٨) "بداية المجتهد" (٤/ ٤٠٦)، بتحقيقنا، و"المجموع" (٢٠/ ٨٥)، و"البحر الزخار" (٥/ ١٧٣).
(٩) ذكره في "البحر الزخار": "حدُّ النبَّاش حد السارق وهو أعظمها جرمًا"، أما حديث عائشة، فذكره في "التلخيص الحبير" (٤/ ٧٠): "سارق موتانا كسارق أحيائنا"، ونسبه إلى الدارقطني من حديث عمرة عنها - وانظر: "البحر الزخار" (٥/ ١٧٣).
(١٠) "شرح فتح القدير" (٥/ ١٣٧)، و"موسوعة فقه سفيان الثوري" قلعه جي (٤٩٩).