للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَحَبُّ إِلَيَّ. وَفي الْحَدِيثِ: أَنَّ رَجُلًا شَهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَآهُ يَتَقَيَّأُ الْخَمْرَ، فَقَالَ عُثْمَانُ: إِنَّهُ لَمْ يَتَقَيَّأْهَا حَتَّى شَرِبَهَا (١). [صحيح]

(ولمسلمٍ عنْ عليٍّ في قصةِ الوليدِ بنِ عقبةَ) حقَّقْنَاها في "منحةِ الغفارِ حاشية ضوءِ النهارِ" وفيها أنَّ عثمانَ أمرَ عليًّا بجلدِ الوليدِ بنِ عقبةَ في الخمرِ، فقالَ لعبدِ اللهِ بنِ جعفرٍ: اجْلِدْهُ، فجلَدَهُ، فلمَّا بلغَ أربعينَ قالَ: أَمْسِكْ (جلدَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أربعينَ، وجلدَ أبو بكرٍ أربعينَ، وجلدَ عمرُ ثمانينَ، وكلٌّ سُنَّةٍ، وهذا أحبُّ إليَّ) يعارضه وهو يريدُ أنهُ أحبُّ [إليه] (٢) معَ جُرْأَةِ الشاربينَ لا أنهُ أحبُّ إليهِ مُطْلَقًا، فلا يُرَدُّ أنهُ كيفَ يجعلُ فعلَ عمرَ أحبَّ إليهِ منْ فعلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّ ظاهرَ الإشارةِ إلى فعلِ عمرَ وهوَ الثمانونَ، ولكنَّه يقالُ إنَّ ظاهرَ قولِه أمسكْ بعدَ الأربعينَ دالٌّ على أنهُ لم يفعلِ [إلا] (٣) الأحبَّ إليهِ.

وأُجِيْبَ عنهُ بأنَّ في صحيحِ البخاريِّ (٤) منْ روايةِ عبدِ اللهِ بنِ عديِّ بنِ الخيارِ: "أنَّ عليًا جلدَ الوليدَ ثمانينَ"، والقصةُ واحدةٌ، والذي في البخاريِّ أرجحُ، وكأنهُ بعدَ أنْ قالَ وهذا أحبُّ إليَّ أمرَ عبدِ اللهِ بتمامِ الثمانينَ، وهذهِ أَوْلَى منَ الجوابِ الآخَرِ وهوَ أنهُ جلدهُ بسوطٍ له رأسانِ فضرَبَهُ أَربعينَ فكانتِ الجملةُ ثمانينَ، فإنَّ هذَا ضعيفٌ لعدمِ مناسبةِ سياقهِ لهُ.

والرواياتُ عنهُ - صلى الله عليه وسلم - أنهُ جلدَ في الخمرِ أربعينَ كثيرةٌ إلَّا أنَّ في ألفاظِها نحوَ أربعينَ وفي بعضِها بالنعالِ، فكأنهُ فهمَ الصحابةُ أنَّ ذلكَ يتقدَّرُ بنحو [أربعينَ جلدةً] (٥).

واختلفَ العلماءُ في ذلكَ فذهبتِ الهادويةُ وأبو حنيفةَ ومالكٌ وأحمدُ وأحدُ قولَيْ الشافعيِّ (٦) أنهُ يجبُ الحدُّ علَى السكرانِ ثمانينَ جلدةً، قالُوا: لقيامِ الإجماعِ عليهِ في عهدِ عمرَ (٧) فإنَهُ لم ينكرْ عليهِ أحدٌ. وذهبَ الشافعيُّ في المشهورِ عنهُ


(١) أخرجه مسلم (٣٨/ ١٧٠٧)، وأبي داود (٤٤٨٠).
(٢) في (أ): "إليَّ".
(٣) زيادة من (أ).
(٤) البخاري (٧/ ٣٦٩٦).
(٥) في (أ): "الأربعين جلدة".
(٦) "البحر الزخار" (٥/ ١٩٦)، و"شرح فتح القدير" (٥/ ٨٣)، و"بداية المجتهد" (٤/ ٣٩٤)، و"المغني" (١٠/ ٣٢٥ رقم ٧٣٤١)، و"مغني المحتاج" (٤/ ١٨٩).
(٧) "موسوعة فقه عمر بن الخطاب" (١٠٣).