للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(عنْ أبي بردةَ الأنصاريِّ - رضي الله عنه - أنهُ سمعَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: لا يُجْلَدُ) رُوِيَ مبنيًا للمعلومِ ومبنيًا للمجهولِ ومجزومًا على النَّهي، ومرفوعًا على النفي، قوله: (عَشَرَةَ أسواطٍ إلَّا في حدٍّ منْ حدودِ اللهِ تعالَى. متفقٌ عليهِ)، وفي روايةٍ عشرَ جلداتٍ (١)، وفي روايةٍ: "لا عقوبةَ فوقَ عشرِ ضرباتٍ" (٢).

والمرادُ بحدودِ اللهِ ما عيَّنَ الشارعُ [فيها] (٣) عدَدًا منَ الضربِ أوْ عقوبةً مخصوصةً كالقطعِ والرَّجْمِ، وهذانِ داخلانِ في عمومِ حدودِ اللهِ، خارجانِ عما فيهِ السياقُ، إذِ السياقُ في الضربِ.

اتفقَ العلماءُ على حدِّ الزِّنى والسرقةِ وشربِ الخمرِ وحدِّ المحاربِ وحدِّ القذْفِ بالزِّنى والقتلِ في الرِدَّةِ والقصاصِ في النفسِ، واختلفُوا في القصاصِ في الأطرافِ هلْ يُسَمَّى حدًا أمْ لا؟ كما اختلفُوا في عقوبةِ جَحْدِ العاريَّةِ واللواطِ وإتْيانِ البهيمةِ، وتحميلِ المرأةِ الفحلَ منَ البهائمِ عليها والسحاقِ، وأكلِ الدَّمِ والميْتَةِ ولحمِ الخنْزِيرِ لغيرِ ضرورةٍ، والسحرِ والقذفِ بشربِ الخمرِ وتركِ الصلاة تكاسُلًا والأكلِ في رمضانَ، والتعريض بالزنى، هلْ يُسَمَّى حدًا أوْ لا؟

فمنْ قالَ يُسَمَّى حدًا أجازَ الزيادةَ في التعزيرِ عليْها على العشرةِ الأسواطِ، ومَنْ قالَ لا يُسَمَّى لم يُجِزْهُ، إلا أنهُ قدِ اختُلِفَ في العملِ بحديثِ البابِ، فذهبَ إلى الأخذِ بهِ الليثُ وأحمدَ وإسحاقُ وجماعةٌ منَ الشافعيةِ (٤). وذهبَ مالكٌ والشافعيُّ وزيدُ بنُ عليٍّ وآخرونَ (٥) إلى جوازِ الزيادةِ في التعزيرِ على العشرةِ ولكنْ لا يبلغُ أدنَى الحدودِ. وذهبَ القاسمُ والهادي (٦) إلى أنهُ يكونُ التعزيرُ في كلِّ حدٍّ دونَ حدِّ جِنْسِهِ لما يأتي منْ فعلِ عليٍّ - عَلَيْه السَّلام -.


(١) البخاري (٦٨٤٨)، وأبو داود (٤٤٩١)، والترمذي (١٤٦٣)، وابن ماجه (٢٦٠١)، وأحمد (٣/ ٤٦٦) و (٤/ ٤٥)، والبيهقي (١٠/ ١٤٢).
(٢) كذا في المطبوعة، والصحيح عشر أسواط كما في مسلم (٤٠/ ١٧٠٨)، والدارمي (٢/ ١٧٦)، والدارقطني (٣/ ٢٠٧، ٢٠٨ رقم ٣٧١).
(٣) في (ب): "فيه".
(٤) انظر: "المغني" (١٠/ ٣٤٢ رقم ٧٣٧٤)، و"المحلَّى" (١١/ ٤٠٢).
(٥) انظر: "المغني" (١٠/ ٣٤٢)، و"المحلَّى" (١١/ ٤٠١ رقم ٢٣٠٥).
(٦) "البحر الزخار" (٥/ ٢١١).