للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخرجَ أحمدُ (١) [عن] (٢) ابنِ عمرَ بلفظِ: "ما يمنعُ أحدَكم إذا جاءَ أحدٌ يريدُ قَتْلَهُ أنْ يكونَ مِثلَ ابني آدمَ القاتلُ في النارِ والمقتولُ في الجنةِ".

وأخرجَ أحمدُ (٣) وأبو داودَ (٤) وابنُ حبانَ (٥) منْ حديثٍ أبي موسَى أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ في الفتنةِ: "كَسِّرُوا فيها قِسِيَّكم وأوتارَكمِ واضْرِبُوا سيوفَكم بالحجارةِ، فإنْ دُخِلَ على أحدِكم بيتَه فليكنْ كخيرِ ابنَيْ آدمَ"، وصحَّحَهُ القشيريُّ في الاقتراحِ على شرطِ الشيخينِ.

والحديثُ [وما في معناه من الأحاديث التي سقناها دالة] (٦) علَى تركِ القتالِ عندَ ظهورِ الفتنِ والتحذيرِ منَ الدخولِ فيها، قالَ القرطبيُّ: اختلفَ السلفُ في ذلكَ، فذهبَ سعدُ بنُ أبي وقاصٍ وعبدُ اللهِ بنُ عمرَ ومحمدُ بنُ مسلمةَ وغيرُهم إلى أنهُ يجبُ الكفُّ عنِ المقاتلةِ، فمنْهم مَنْ قالَ: إنهُ يجبُ عليهِ أنْ يلزمَ بيتَه، وقالتْ طائفةٌ: يجبُ عليهِ التحولُ منْ بلدِ الفتنةِ أصلًا، ومنْهم مَنْ قالَ: يتركُ المقاتلةَ وهوَ قولُ الجمهورِ وشذَّ مَنْ أوجَبَهُ حتَّى لو أرادَ أحدُهم قتلَه لم [يدفعْهُ] (٧) عنْ نفسهِ، ومنْهم مَنْ قالَ: يدافعُ عنْ نفسهِ وعنْ أهلِه وعنْ مالِهِ وهوَ معذورٌ [سواء] (٨) قَتَلَ أو قُتِلَ (٩) [وهو الحق] (١٠).

وذهبَ جمهورُ الصحابةِ والتابعينَ إلى وجوبِ نصرِ الحقِّ وقتالِ الباغينَ وحملُوا هذهِ الأحاديثَ علَى مَنْ ضَعُفَ عنِ القتالِ أو قصرَ نظرُه عنْ معرفةِ الحقِّ، وقالَ بعضُهم بالتفصيلِ، وهوَ أنهُ إذا كانَ القتالُ بينَ طائفتينِ لا إمامَ لهمْ فالقتالُ حينئذٍ ممنوعٌ، وتنزَّلُ الأحاديثُ على هذَا وهو قولُ الأوزاعيِّ.


(١) في "المسند" (٢/ ١٠٠).
(٢) في (ب): "من حديث".
(٣) في "المسند" (٤/ ٤١٦ و (٤/ ٤٠٨).
(٤) في "السنن" رقم (٤٢٥٩) و (٤٢٦٢).
(٥) رقم (٥٩٦٢ - الإحسان).
قلت: وأخرجه الترمذي رقم (٢٢٠٤)، وابن ماجه رقم (٣٩٦١)، وابن أبي شيبة في "المصنف (١٥/ ١٢)، والحاكم (٤/ ٤٤٠) وصححه. وهو حديث صحيح.
(٦) زيادة من (أ).
(٧) في (أ): "يدفع".
(٨) في (ب): "إن".
(٩) وهو الأقوى قال الله: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: ٤١].
(١٠) زيادة من (أ).