للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحديثُ دليلٌ على وجوبِ الجهادِ بالنفسِ وهوَ بالخروجِ والمباشرة للكفارِ، وبالمالِ وهوَ بَذْلُه لما يقومُ بهِ منَ النفقةِ في الجهادِ والسلاح ونحوهِ، وهذا هو [المراد] (١) منْ عِدَّةِ آياتٍ في القرآنِ: {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} (٢).

والجهادُ باللسانِ بإقامةِ الحجةِ عليهمْ ودعائِهم إلى اللهِ تعالَى، وبالأصواتِ عندَ اللقاءِ والزجرِ ونحوِه منْ كلِّ ما فيه نكايةٌ للعدوِّ كما قال تعالى: {وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} (٣)، وقالَ - صلى الله عليه وسلم - لحسانَ: "إنَّ هجْوَ الكفارِ أشدُّ عليهمْ منْ وقعِ النبلِ".

٣/ ١١٨٢ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ قَالَ: "نَعَمْ، جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ، هُوَ الْحَجُّ والْعُمْرَةُ"، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ (٤)، وَأَصْلُهُ في الْبُخَارِيِّ (٥). [صحيح]

(وعنْ عائشةَ - رضي الله عنها - قالَتْ: قلتُ يا رسولَ اللهِ علَى النساءِ جهادٌ؟) هوَ خَبَرٌ في معنَى الاستفهامِ، وفي روايةٍ: أَعَلَى النساءِ؟ (قالَ: نعمْ جهادٌ لا قتالَ فيهِ الحجُّ والعمرةُ. رواهُ ابنُ ماجهْ وأصلُه في البخاريِّ) بلفظِ: "قالتْ عائشةُ: استأذنتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في الجهادِ فقالَ: جهادكنَّ الحجُّ"، وفي لفظٍ لهُ آخرَ: "سأله نساؤه فقالَ: نعمْ الجهادُ الحجُّ"، وأخرجَ النسائيُّ عنْ أبي هريرةَ: جهادُ الكبيرِ - أي العاجزِ - والمرأةِ والضعيفِ الحجُّ (٦).

دلَّ ما ذكرَ [من الروايات] (٧) علَى أنهُ لا يجبُ الجهادُ على المرأةِ، وعلَى أنّ الثوابَ الذي يقومُ مقامَ ثوابِ جهادِ الرجالِ حجُّ المرأةِ وعمرتُها، ذلكَ لأنَّ النساءَ مأموراتٌ بالسترِ والسكونِ، والجهادُ ينافي ذلكَ، إذْ فيهِ مخالطةُ الأقرانِ والمبارزةُ ورفعُ الأصواتِ، وأما جوازُ الجهادِ لهنَّ فلا دليلَ في الحديثِ على عدمِ


(١) في (ب): "المفاد".
(٢) سورة التوبة: الآية ٤١.
(٣) سورة التوبة: الآية ١٢٠.
(٤) في "السنن" (٢٩٠١) وفي صدر الحديث. زيادة: "عليهن".
(٥) في صحيحه (٢٨٧٥). وانظر: "الإرواء": (٩٨١).
(٦) في "السنن" (٥/ ١١٣ - ١١٤ رقم ٢٦٢٦).
(٧) زيادة من (أ).