للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي الحديثِ دليلٌ على أنَّ مَنْ أسلمَ مِنَ الكفارِ حَرُمَ دمُهُ ومالُه وللعلماءِ تفصيلٌ في ذلكَ، قالُوا: مَنْ أسلمَ طَوْعًا مِنْ غير قتالٍ مَلَكَ مالَه وأرضَه وذلكَ كأرضِ اليمنِ، وإنْ أسلمُوا بعدَ القتالِ فالإسلامُ قدْ عصَمَ دماءَهم، وأما أموالُهم فالمنقولُ غنيمةٌ وغيرُ المنقولِ فيءٌ.

ثمَّ اختلفَ العلماءُ في هذهِ الأرضِ التي صارتْ فيئًا للمسلمينَ على أقوالٍ: الأولُ: لمالكٍ (١) ونصرَهُ ابنُ القيمِ أنَّها تكونُ وقْفًا يُقْسَمُ خراجُها في مصالحِ المسلمينَ وأرزاقِ المقاتِلَةِ وبناءِ القناطرِ والمساجدِ وغيرِ ذلكَ منْ سُبُلِ الخيرات، إلَّا أنْ يَرَى الإمامُ في وقْتٍ منَ الأوقاتِ أنَّ المصلحةَ في قِسْمَتِها كانَ لهُ ذلكَ، قالَ ابنُ القيمِ (٢): وبهِ قالَ جمهورُ العلماءِ وكانتْ عليهِ سيرةُ الخلفاءِ الراشدينَ ونازعَ في ذلكَ بلالٌ وأصحابُه وقالُوا لعمرَ: اِقسمِ الأرضَ التي فتحُوها في الشامِ، وقالُوا لهُ: خذْ خُمُسَها واقْسِمْها.

فقالَ عمرُ: هذا غيرُ المالِ ولكنْ أحبِسُه فيئًا يجري عليكمْ وعلى المسلمينَ، ثمَّ وافقَ سائرُ الصحابةِ عمرَ - رضي الله عنه -.


=١٤ - زياد بن الحارث، عنه:
أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (٣/ ٣٦٧) من طريق ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف - عنه، وقد اختلف في زياد هذا.
١٥ - الحسن البصري، عنه:
أخرجه الدارقطني (٢/ ٨٩ رقم ٢٠)، وأبو نعيم في "الحلية" (٢/ ١٥٩) و (٣/ ٢٥) وسنده ضعيف.
١٦ - عجلان المدني، عنه:
أخرجه الطحاوي (٣/ ٢٠٣) من طريق محمد بن عجلان، عنه. وسنده صحيح، قلت: وللحديث شواهد كثيرة - فهو متواتر - عن جماعة من الصحابة كأنس وابن عمر، وجابر، وأوس بن أبي أويس، وجرير بن عبد اللهِ، وأبو بكرة والنعمان بن بشير، وابن عباس، وأبي مالك الأشجعي، وسهل بن سعد.
وانظر: "قطف الأزهار المتناثرة" للسيوطي (ص ٣٤ - ٣٥)، و"نظم المتناثر من الحديث المتواتر" للكتاني (ص ٢٩ رقم ٩).
(١) انظر: "قوانين الأحكام الشرعية" لابن جزي (ص ١٦٧ - ١٦٨).
(٢) انظر: "زاد المعاد" (٣/ ١١٧ - ١١٩).