للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ - رضي الله عنه - قالَ: أصبْنَا سبايا يومَ أوطاسٍ لهن أزواجٌ فتحرَّجُوا، فأنزلَ اللَّهُ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (١) الآيةَ. أخرجَهُ مسلمٌ قالَ أبو عبيدٍ البكريِّ أوطاسٌ وادٍ في ديارِ هوازنَ.

والحديثُ دليلٌ على انفساخِ نكاحِ المسبيةِ، فالاستثناءُ في الآية على هذا متصلٌ.

وإلى هذا ذهبتَ الهادويةُ والشافعيُّ، وظاهرُ الآية الإطلاقُ سواءٌ سُبِيَ معَها زوجُها أم لا. ودل أيضًا على جوازِ الوطْءِ ولو قبلَ إسلامِ المسبيةِ سواءٌ كانت كتابيةً أو وثنيةً، إذِ الآيةُ عامةٌ ولم يعلمْ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - عرضَ على سَبَايا أوطاسٍ (٢) الإسلامَ ولا أخبرَ أصحابَهُ أنَّها لا تُوطَأُ مسبيةٌ حتَّى تُسْلِمَ، معَ أنهُ لا يجوزُ تأخيرُ البيانِ عنْ وقتِ الحاجةِ.

ويدلُّ لِهَذَا ما أخرجَهُ الترمذيُّ (٣) منْ حديثِ العرباضِ بن ساريةَ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "حرَّمَ وطءَ السبايا حتَّى يضعْنَ ما في بطونِهِنَّ"، فجعلَ للتحريمِ غايةً واحدةً وهيَ وضعَ الحمْلِ، ولمْ يذكرِ الإسلامَ، وما أخرجَهُ في "السنن" (٤) مرفُوعًا: "لا يحل لامرئٍ يؤمنُ باللَّهِ واليوم الآخرِ أنْ يقعَ على امرأةٍ منَ السَّبْي حتَّى يستبرئَها"، ولمْ يذكرِ الإسلامَ، أخرجَه أَحمدُ (٥).

وأخرجَ أحمدُ (٦) أيضًا: "مَنْ كانَ يؤمنُ باللَّهِ واليومِ الآخرِ [فلا ينكحُ] (٧) شيئًا منَ السبايا حتَّى تحيضَ حيضةً"، ولم يذكرِ الإسلامَ، ولا يعرفُ اشتراطُ الإسلامِ في المسبيَّةِ في حديثٍ واحدٍ.

وقدْ ذهبَ إلى هذَا طاوسُ وغيرُه. وذهبَ الشافعيُّ وغيرُهُ منَ الأئمةِ إلى أنهُ لا يجوزُ وَطْءُ المسبيةِ بالملْكِ حتَّى تُسْلِمَ إذا لم تكنْ كتابيةً، وسَبَايا أوطاسٍ هنَّ


(١) النساء: الآية ٢٤.
(٢) أوطاس: واد في ديار هوازن، فيه كانت وقعة حنين للنبي - صلى الله عليه وسلم - ببني هوازن. "معجم البلدان" (١/ ٢٨١).
(٣) في "السنن رقم (١٥٦٤٠) وقال: حديث غريب. قلت: هو حديث صحيح بشواهده.
(٤) أخرجه أبو داود رقم (٢١٥٨)، والترمذي رقم (١١٣١) وقال: حديث حسن وهو كما قال من حديث رُويفع بن ثابت الأنصاري.
(٥) في "المسند" (٤/ ١٠٨ - ١٠٩).
(٦) في "المسند" (٤/ ١٠٨) من حديث رويفع أيضًا.
(٧) في (أ): "لا ينكحن".