للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الخمسِ"، فدلَّ علَى أنَّ التنفيلَ منَ الأميرِ والقسمةَ منهُ - صلى الله عليه وسلم -.

وقدْ جمعَ بينَ الرواياتِ بأنَّ التنفيلَ كانَ منَ الأميرِ قبل الوصول إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم بعد الوصولِ قسَم النبي - صلى الله عليه وسلم -[بين] (١) الجيشِ وتولى الأمير قبض ما هوَ للسريةِ جُمْلَةً ثمَّ قسمَ ذلكَ على أصحابِه، فمنْ نسبَ ذلكَ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلِكَوْنِه الذي قسمَ أولَا، ومَنْ نسبَ ذلكَ إلى الأميرِ فباعتبارِ أنهُ الذي أعطَى ذلكَ أصحابَه آخِرًا.

وفي الحديثِ دليلٌ على جوازِ التنفيلِ للجيشِ ودَعْوَى أنهُ يختصُّ [ذلكَ] (٢) بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - دليلَ عليهِ، بلْ تنفيلُ الأميرِ قبلَ الوصولِ إليهِ - صلى الله عليه وسلم - في هذهِ القصةِ دليلٌ على عدمِ الاختصاصِ، وقولُ مالكٍ إنهُ يُكْرَهُ أنْ يكونَ التنفيلُ بشرطٍ منَ الأميرِ بأنْ يقولَ مَنْ فعلَ كَذَا، فَلَهُ نفل كَذَا قالَ: لأنهُ يكونُ القتالُ للدنيا فلا يجوزُ، يردُّهُ قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قَتَلَ قتيلًا فلهُ سَلَبُهُ" (٣) سواءٌ قالَه - صلى الله عليه وسلم - قبلَ القتالِ أو بعدَه؛ لأنهُ تشريعٌ عامٌّ إلى يوم القيامةِ، وأما لزومُ كونِ القتالِ للدنيا فالعمدةُ الباعثُ عليهِ فإنهُ لا يصيرُه قولُ الإمامِ: مَنْ فعلَ كَذَا فَلَهُ كَذَا، قتالًا للدُّنيا بعدَ الإعلام أنَّ المجاهدَ في سبيلِ اللهِ مَنْ جاهدَ لتكونَ كلمةُ اللهِ هيَ العُلْيَا.

فمَنْ كانَ قصْدُه إعلاءَ كلمةِ اللهِ لم يضرَّهُ أنْ يريدَ معَ ذلكَ المغْنَم والاسترزاقَ كما قالَ - صلى الله عليه وسلم -: "واجعلْ رزقي تحتَ ظلِّ رُمْحِي" (٤).

واختلفَ العلماءُ هلْ يكونُ التنفيلُ منْ أصلِ الغنيمةِ، أوْ منَ الخمسِ، أوْ


(١) في (أ): "بعد".
(٢) زيادة من (ب).
(٣) وهو حديث صحيح.
أخرجه البخاري رقم (٢١٠٠)، ومسلم رقم (١٧٥١)، وأبو داود رقم (٢٧١٧)، والترمذي رقم (١٥٦٢)، وابن الجارود رقم (١٠٧٦)، والبغوي رقم (٢٧٢٤) وغيرهم مختصرًا ومطولًا من حديث أبي قتادة. وتقدم في شرح حديث رقم (٢٢/ ١٢٠٢).
(٤) أخرج أحمد (٢/ ٥٠)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٥/ ٣١٣) عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعثت بين يدي الساعة بالسيف، حتى يعبد الله وحده لا شريك له شيء، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصَّغار على من خالف أمري … "، وأخرجه البخاري تعليقًا (٦/ ٩٨).
وله شاهد بإسناد حسن، لكنه مرسل، أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٥/ ٣٢٢) عن طاووس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل حديث ابن عمر.