للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابتداءِ المسلمِ لليهودي والنصراني بالسلامِ لأنَّ ذلكَ أصلُ النَّهي، وحَمْلُهُ علَى الكراهةِ خلافُ أصلِه وعليهِ حملَه الأقل.

وإلى التحريمِ ذهبَ الجمهورُ منَ السلفِ والخلفِ، وذهبَ طائفةٌ منهم ابنُ عباسٍ إلى جوازِ الابتداءِ لهم بالسلامِ وهوَ وجهٌ لبعضِ الشافعيةِ إلا أنهُ قالَ المازريُّ إنهُ يُقَالُ: السلامُ عليكَ بالإفرادِ، ولا يقالُ [السلامُ] عليكمْ، واحتجَّ له بعمومِ قولِه تعالَى: {وَقُولُوا للِنَّاسِ حُسْنًا} (١)، وأحاديثُ الأمرِ بإفشاءِ السلامِ.

والجوابُ أنَّ هذهِ العموماتِ مخصوصةٌ بحديثِ البابِ، وهذا إذا كانَ الذميُّ [منفردًا] (٢)، وأما إذا كانَ معهُ مسلمٌ جازَ الابتداءُ بالسلامِ ينوي بهِ المسلمَ؛ لأنهُ قدْ ثبتَ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - سلمَ علَى مجلسٍ فيهِ أخلاطٌ منَ المشركينَ والمسلمينَ.

ومفهومُ قولِه: لا تبدءُوا، أن لا نهي عن الجوابِ عليهمْ إن سلَّموا، ويدلُّ لهُ عمومُ قولِه تعالَى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} (٣)، وأحاديثُ: "إذا سلَّمَ عليكمْ أهلُ الكتابِ فقولُوا: وعليكمْ" (٤)، وفي روايةٍ: "إنَّ اليهودَ إذا سلَّموا عليكمْ [يقولُ أحدُهم السَّامُ عليكمْ] (٥) فقولُوا: وعليكَ" (٦)، وفي روايةٍ: "قلْ: وعليكَ" (٧)، أخرجَها مسلمٌ.

واتفقَ العلماءُ علَى أنهُ يُرَدُّ على أهلِ الكتابِ ولكنَّه يقتصرُ على قولِه وعليكم وهوَ هكذَا بالواوِ عندَ مسلمٍ في رواياتٍ (٨). قالَ الخطابيُّ: عامةُ المحدِّثينَ يَرْوُوْن هذا الحرفَ بالواوِ، قالُوا: وكانَ ابنُ عيينةَ يرويهِ بغيرِ الواوِ، وقالَ الخطابي: هذا هوَ الصوابُ لأنهُ إذا حَذَفَ الواو صارَ كلامُه بعينِه مردودًا عليهمْ خاصةً، وإذا


(١) سورة البقرة: الآية ٨٣.
(٢) في (أ): "مفردًا".
(٣) سورة النساء: الآية (٨٦).
(٤) أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (٦/ ٢١٦٣) من حديث أنس بن مالك.
(٥) زيادة من (ب).
(٦) أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (٨/ ٢١٦٤) من حديث ابن عمر.
(٧) أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (٩/ ٢١٦٤) من حديث ابن عمر.
(٨) رقم (١١/ ٢١٦٥) من حديث عائشة، ورقم (١٢/ ٢١٦٦) من حديث جابر بالإضافة لما تقدم.