للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأمرَ بإراقتِها وقالَ: لا تأكلُوا منْ لحومِها شيئًا، والأحاديثُ في ذلكَ كثيرةٌ. وفي روايةٍ: إنَّها رجسٌ أو نجسٌ، وفي لفظٍ: إنَّها رجسٌ منْ عملِ الشيطانِ.

وفي الحديثِ مسألتانِ:

الأُولى: أنهُ دلَّ منطوقُه على تحريمِ أَكْلِ لحومِ الحمرِ الأهليةِ إذ النَّهْيُ أَصْلُه التحريمُ، وإلى تحريمِ أَكْلِ لحومِها ذهبَ [الجماهير من علماء] (١) الصحابةِ والتابعينَ ومَنْ بعدَهمِ إلَّا ابنَ عباسٍ فقالَ: ليستْ بحرامٍ. وفي روايةِ ابن جريجٍ عن ابن عباسٍ: وأَبَى ذلكَ "البحرُ" (٢) وتلا قولَه تعالَى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} (٣) الآيةَ، ورُوِيَ عنْ عائشةَ، وعنْ مالكٍ برواياتٍ أنَّها مكروهةٌ أوْ حرامٌ أوْ مباحةُ (٤).

وأما ما أخرجَ أبو داودَ (٥) عنْ غالبِ بن أبجرَ قالَ: "أصابتْنا سَنَةٌ فلمْ يكنْ في مالي ما أطعمُ أهلي إلا سمانَ حُمُرٍ، فأتيتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقلتُ: إنكَ حرَّمتَ لحومَ الحمُرِ الأهليةِ وقدْ أصابتْنا سَنَةٌ، فقالَ: أطعمْ أهلكَ منْ سمينِ حُمُركَ فإنَّما حرَّمتُها منْ جهةِ جوَّالِ القريةِ - يعني الجلَّالَةَ.

فقدْ قالَ الخطابيُّ: أما حديثُ ابن أبجرَ فقدِ اختُلِفَ في إسنادِه، قالَ أبو داودَ (٦): "رواهُ شعب عنْ عبيدِ بن الحسنِ، عنْ عبدِ الرحمن بن معقلٍ، عنْ عبدِ الرحمنِ بن بشرٍ، عنْ ناسٍ منْ مُزْينَةَ، أن سيدَ مُزينةَ أبجر أوْ ابنُ أبي أبجر سألَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم"، ورواهُ مسعرُ فقالَ: عن ابن عبيد عنْ ابن معقلٍ عنْ رجلَيْنِ منْ


=ومنها أخرجه البخاري (٥٥٢١) و (٤٢١٧)، ومسلم (٣/ ١٥٣٨) رقم (٢٥/ ٥٦١)، والنسائي (٧/ ٢٠٣ رقم ٤٣٣٦).
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الحمرِ الأهلية".
وانظر مزيدًا من الأمثلة في: "جامع الأصول" (٧/ ٤٥٦ - ٤٦٢ رقم ٥٥٤٦ - ٥٥٥٤).
(١) في (ب): "جماهير العلماء من".
(٢) يعني عبد الله بن عباس.
(٣) سورة الأنعام: الآية ١٤٥.
(٤) انظر: "بداية المجتهد" (٢/ ٥١٧ - ٥١٨).
(٥) في "السنن" (٤/ ١٦٣ رقم ٣٨٠٩)، وقال المنذري في "المختصر" (٥/ ٣٢٠). اختلف في إسناده اختلافًا كثيرًا، قال: وقد ثبت التحريم من حديث جابر بن عبد اللهِ.
والخلاصة: أن الحديث ضعيف الإسناد مضطرب.
(٦) في "السنن" (٤/ ١٦٣).