للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأُجِيْبَ عنهُ بأنهُ قالَ البيهقيُّ فيهِ: هذا إسنادٌ مضَّطَرِبٌ مخالِفٌ لروايةِ الثقاتِ، وقالَ البخاريُّ: يُرْوَى عنْ [أبي صالحٍ] (١) ثورِ بن يزيدَ وسليمانِ بن سليمٍ وفيهِ نظرٌ. وضعَّفَ الحديثَ أحمدُ والدارقطنيُّ والخطابيُّ وابنُ عبدِ البرِّ وعبدُ الحقِّ (٢) واستدلُّوا بقولِه تعالَى: {لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} (٣)، وتقريرُ الاستدلالِ بالآيةِ بوجوهٍ:

الأولُ: أن العلةَ المنصوصةَ تقتضي الحصْرَ، فإباحةُ أكلها خلاف ظاهر الآية. وأجيب عنه بأن كون العلة منصوصةً لا تقتضي الحصر فيها. فلا تفيد الحصرَ في الركوبِ والزينةِ فإنهُ يُنْتَفَعُ بها في غيرِهما اتفاقًا، وإنَّما نصَّ عليهما لكونِهما أغلبَ ما يُطْلَبُ، ولو سلمَ الحصرُ لامتنعَ حملُ الأثقالِ على الخيلِ والبغالِ والحميرِ ولا قائلَ بهِ.

الثاني: منْ وجوهٍ دلالةِ الآيةِ على تحريم الآكلِ عطفُ البغالِ والحميرِ فإنهُ دالٌّ على اشتراكها معَها في حُكْمِ التحريمِ، فَمَنْ أفردَ حكمَهُما عنْ حكمِ ما عطفَ عليهِ احتاجَ إلى دليلٍ. وأُجِيْبَ عنهُ بأنَّ هذا منْ دلالةِ الاقترانِ وهيَ ضعيفةٌ.

الثالثُ: منْ وجوهِ دلالةِ الآيةِ أنَّها سيقَتْ للامتنانِ، فلوْ كانتْ مما يُؤْكَلُ لكانَ الامتنانُ بهِ أكثرَ لأنهُ يتعلَّقُ ببقاءِ البنيةِ، والحكيمُ لا يمتنُّ بأدْنَى النِّعمِ ويتركُ أعلاها سِيَّما وقدِ امتنَّ بالآكلِ فيما ذكرَ قبلَها.

وأُجِيْبَ: بأنهُ تعالَى خصَّ الامتنانَ بالركوبِ لأنهُ غالبُ ما يُنْتَفَعُ بالخيلِ فيهِ عندَ العربِ فخُوطِبُوا بما عرفوهُ وألِفُوه كما خُوطِبوا في الأنعامِ بالأكلِ وحَمْلِ الأثقالِ لأنهُ كانَ أكثرُ انتفاعِهم بها لذلكَ، فاقتصرَ في كلّ منَ الصنفين بأغلبِ ما يُنْتَفَعُ بهِ [عليهِ] (٤).

الرابعُ: منْ وجوهِ دلالةِ الآيةِ أنه لو أُبيحَ أكْلُها لفاتتِ المنفعةُ التي امتنَّ بها وهيَ الركوبُ والزينةُ، وأجيبَ عنهُ: بأنهُ لو لزمَ منَ الإِذْنِ في أَكْلِها أَنْ تَفْنَى لَلَزِمَ


= ضعيف. وفي سياق الحديث ما يشهد بضعفه وعدم صحته، فقد جاء فيه أن خالدًا شهد خيبر وهو خطأ فإنه لم يسلم إلا بعدها على الصحيح.
(١) كذا في (أ) و (ب)، والصواب: "صالح بن يحيى" كما في "التمهيد" (١٠/ ١٢٨).
(٢) قال ابن عبد البر في "التمهيد" (١٠/ ١٢٨) على حديث خالد بن الوليد المتقدم: "وهذا حديث لا تقوم به حجة لضعف إسناده، وحديث الإباحة صحيح الإسناد" اهـ.
(٣) سورة النحل: الآية ٨.
(٤) في (ب): "فيه".