للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وعنِ الحنفيةِ كراهتَه، وقالَ النوويُّ (١): وأظنه لا يصحُّ عنْ أحدٍ، فإنْ صحَّ فهوَ محجُوجٌ بالنصِّ وبإجماعِ مَنْ قبلَه.

وقدِ احتجَّ للقائلينَ بالتحريمِ بما أخرجَهُ أبو داودَ (٢): "أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن الضبِّ" وفي إسنادِه إسماعيلُ بنُ عياشٍ ورجالُه شاميونَ وهوَ قويٌّ في الشاميينَ فلا يتمُّ قولُ الخطابيِّ: ليسَ إسنادُهُ بذلكَ ولا قولُ ابن حزمٍ: فيه ضعفًا ومجهولون فإن رجاله ثقات كما قال المصنف، ولا قول البيهقي فيهِ إسماعيلُ بنُ عياشٍ وليسَ بحجَّةٍ، لما عرفتَ منْ أنهُ رواهُ عن الشاميينَ وهوَ حجةٌ في روايتِه عنْهم (٣).

وبما أخرجَهُ أبو داودَ (٤) منْ حديثِ عبدِ الرحمنِ بن حسنةَ: "أنَّهم طبخُوا ضبًّا فقالَ النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ أمةً منْ بني إسرائيلَ مُسِخَتْ دوابَّ في الأرضِ فأخشَى أنْ تكونَ هذهِ. فألقُوها"، وأخرجَهُ أحمدُ (٥) وصحَّحهُ ابنُ حبانَ (٦) والطحاويُّ (٧) وسندُه على شرطِ الشيخينِ.

وأُجِيْبَ عن الأولِ بأنَّ النَّهْيَ وإنْ كانَ أصلُه التحريمَ لكنْ صرفَه هنَا إلى الكراهةِ ما أخرجَه مسلمٌ (٨) أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "كلُوه فإنهُ حلالٌ ولكنهُ ليسَ منْ طعامي". وهذهِ الروايةُ تردُّ ما رواهُ مسلمٌ (٩) أنهُ قالَ بعضُ القومِ عندَ ابن عباسٍ - رضي الله عنه -: إنَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ في الضبِّ: "لا آكلُه ولا أنْهَى عنهُ ولا أحرِّمهُ"، ولذَا أعلَّ ابنُ عباسٍ هذهِ الروايةَ فقالَ: "بئسمَا قلتُم، ما بُعِثَ نبيُّ الله إلا محرِّمًا أو محلِّلًا"، كذَا في مسلمٍ.


(١) في "شرح صحيح مسلم" (١٣/ ٩٧ - ٩٩).
(٢) في "السنن" (٤/ ١٥٥ رقم ٣٧٩٦)، وقال الخطابي: ليس إسناده بذاك، وحسَّنه الألباني في "الصحيحة" رقم (٢٣٩٠).
(٣) وهو كما قال الأمير. انظر: "تهذيب التهذيب" (١/ ٢٨٠ - ٢٨٤ رقم ٥٨٤).
(٤) في "السنن" (٤/ ١٥٤ رقم ٣٧٩٥)، وهو حديث صحيح.
(٥) في "المسند" (٤/ ١٩٦).
(٦) في "صحيحه" رقم (٥٢٦٦).
(٧) في "شرح معاني الآثار" (٤/ ١٩٧)، وفي "مشكل الآثار" (٤/ ٢٧٨). قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة (٨/ ٢٦٦)، والبزار (١٢١٧)، وأبو يعلى رقم (٩٣١).
وذكره الهيثمي في "المجمع" (٤/ ٣٦ - ٣٧) وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، وأبو يعلى والبزار، ورجال الجميع رجال الصحيح" اهـ.
(٨) في "صحيحه" (٣/ ١٥٤٢ رقم ٤٢/ ١٩٤٤).
(٩) في "صحيحه" (٣/ ١٥٤٥ رقم ٤٧/ ١٩٤٨).