للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقِيذٌ، فَلَا تَأْكلْ"، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (١). [صحيح]

(وعنْ عديٍّ قالَ: سألتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عنْ صيدِ المِعراضِ) بكسرِ الميمِ وسكونِ المهملةِ آخرَه معجمةٌ يأتي تفسيرُه (فقالَ: إذا أصبتَ بحدِّه فكلْ، وإذا أصبتَ بعرضِه فقتلَ فإنهُ وَقيذٌ) بفتحِ الواوِ وبالقافِ فمثناةٍ تحتيةٍ فذال معجمةِ بزنةِ عظيمٍ يأتي بيانُه (فلا تأكلْ. رواهُ البخاريُّ).

اختُلفَ في تفسيرِ المعراضِ على أقوالٍ أقربَها ما قالَه ابنُ التينِ إنهُ عَصَا في [طرفِها حديدةٌ] (٢) يرمي بها الصائدُ، فما أصابَ بحدِّه فهوَ ذكيٌّ يؤكلُ، وما أصابَ بعرضِه فهوَ وقيذٌ، أي موقوذٌ. والموقوذُ [ما رمي] (٣) بعصَا أو حجرٍ أو ما لا حدَّ فيهِ. والموقوذةُ المضروبةُ بخشبةِ حتَّى تموتَ، منْ وقَذْتُه ضربتُه.

والحديثُ إشارةٌ إلى آلةِ منْ آلاتِ الاصطياد وهيَ المحدَّدُ، فإنهُ - صلى الله عليه وسلم - أخبرَهُ أنهُ إذا أصابَ المعراض بحدِّه أكلَ فإنهُ محددٌ، وإذا أصابَ بعرضِه فلا يأكلْ. وفيهِ دليلٌ أنهُ لا يحلُّ صيدُ المثقلِ. وإلى هذا ذهبَ مالكٌ (٤) والشافعيّ وأبو حنيفةَ وأحمدُ والثوريُّ. وذهبَ الأوزاعيُّ ومكحولٌ وغيرُهما منْ علماءِ الشامِ إلى أنهُ يحلُّ صيدُ المعراضِ مطْلقًا.

وسببُ الخلافِ معارضةُ الأصولِ في هذا الباب بعضُها لبعضِ، ومعارضةُ الأثرِ لها، وذلكَ أن مِنَ الأصولِ في هذا البابِ أَنَّ الوقيذَ محرَّمٌ بالكتابِ والإجماعِ، [و] (٥) منْ أصولِه أن العقرَ ذكاةُ الصيدِ فمنْ رأَى أن ما قتلَه المعراضُ وقيذًا منعهُ على الإطلاقِ، ومَنْ [رآهُ عقرًا] (٦) مختصًا بالصيدِ، وأنَّ الوقيذ غيرُ معتبَرٍ فيهِ لم يمنعْه على الإطلاقِ، ومَنْ فرَّقَ بينَ ما أخرق منْ ذلكَ وما لم يخرقْ نظرَ إلى حديثِ عديٍّ وهوَ الصوابُ.


(١) في "صحيحه" (٩/ ٥٩٩ رقم ٥٤٧٥).
قلت: وأخرجه مسلم رقم (٣/ ١٩٢٩)، وأبو داود رقم (٢٨٥٤)، والترمذي رقم (١٤٧١)، وابن ماجه رقم (٣٢١٤)، والنسائي (٧/ ١٨٠).
(٢) في (أ): "طرفه حديد".
(٣) في (ب): "ما قُتلَ".
(٤) انظر: "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (٢/ ٤٨٦ - ٤٨٧) بتحقيقي.
(٥) زيادة من (ج).
(٦) في (أ): (رأى عقره) والمثبت من (ب، ج).