للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَسُئِلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذلِكَ فَأَمَرَ بِأَكْلِهَا. رَوَاهُ الْبُخَارِي (١). [صحيح]

(وعنْ كعبِ بن مالكٍ أن امرأة ذبحتْ شاةً بحجرٍ فَسُئِلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فأمرَ بأكْلِها.

رواهُ البخاريُّ). الحديثُ دليلٌ على صحةِ تذكيةِ المرأةِ وهوَ قولُ الجماهيرِ، وفيهِ خلافٌ شاذٌ أنهُ يُكْرَهُ ولا وجْهَ لهُ. ودليلٌ على صحةِ التذكيةِ بالحجرِ الحاد إذا فرى الأوداج؛ لأنَّه قد جاء في رواية أنها كسرت الحجر وذبحت به، والحجر إذا كُسِرَ يكونُ فيهِ الحدُّ. ودليلٌ على أنهُ يصحّ أكْلُ ما ذُبِحَ بغيرِ إذنِ المالكِ، وخالفَ فيهِ إسحاقُ بنُ راهويهْ وأهلُ الظاهرِ وغيرُهم، واحتجُّوا بأمرهِ - صلى الله عليه وسلم - بإكفاءِ ما في القدور مما ذُبِحَ منَ المغنَمِ قبلَ القِسْمَةِ بذي الحليفةِ كما أخرجَهُ الشيخانِ (٢).

وأُجِيْب بأنهُ إنَّما أمرَ بإِراقةِ المرقِ، وأما اللحمُ فباق جُمِعَ ورُدَّ إلى المغنَم، فإنْ قيلَ لم ينْقلْ جمعُه وردُّه إليهِ، قلْنا: لم ينقلْ أنَّهم أتلفُوه وأحرقُوه، فيجبُ تأويلُه بما ذكرنا موافقةً للقواعدِ الشرعيةِ.

قلتُ: لا يخْفَى تكلفُ الجوابِ، والمرقُ مال لو كانَ حلالًا لما أمرَ بإراقتِه فإنهُ من إضاعةِ المالِ.

وأما الاستدلالُ على المدَّعي بشاةِ الأَسارى فإنَّها ذُبحتْ بغيرِ إذْنِ مالِكِها فأمرَ على بالتصدقِ بها على الأَسارى كما هوَ معروفٌ، فإنهُ استدلالٌ غيرُ صحيح، وذلكَ لأنهُ - صلى الله عليه وسلم - لم يستحلَّ أكلَها ولا أباحَ لأحدٍ منَ المسلمينَ أكلَها بلْ أمرَ أنْ يطعم الكفارَ المستحلينَ للميتةِ.

وقدْ أخرجَ أبو داودَ (٣) منْ حديثِ رجلٍ منَ الأنصارِ قالَ: "خرجْنا معَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في سفرٍ فأصابَ الناسَ مجاعةٌ شديدةٌ وجَهْدٌ، فأصابُوا غنمًا فانتَهبُوها، فإنَّ قدورنَا تغلي إذْ جاءَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم على فرسِه فأكفَأ قدورنَا ثمَّ جعلَ [يرملُ] (٤) اللحمَ بالترابِ وقالَ: إنَّ النهبةَ ليستْ بأحلَّ منَ الميتةِ"، فهذا مثلُ الحديثِ الذي أخرجَه الشيخانِ (٢) وفيهِ


(١) في صحيحه (٥٥٠٢).
قلت: وأخرجه أحمد (٦/ ٣٨٦)، وابن ماجه (٣١٨٢)، والبيهقي (٩/ ٢٨١)، ومالك (٢/ ٤٨٩ رقم ٤).
(٢) البخاري (٢٤٨٨)، ومسلم (١٩٦٨).
(٣) في "السنن" رقم (٢٧٠٥) وإسناده جيد.
(٤) في (أ): "بزمل".