للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قالَ في الأيامِ المعلوماتِ إنَّها يومُ النحرِ ويومانِ بعدَه في هذهِ الآيةِ رجَّحَ دليلَ الخطابِ فيها على الحديثِ المذكورِ وقالَ: لا نحرَ إلا في هذه الأيامِ، ومنْ رأَى الجمعَ بينَ الحديث والآيةِ قالَ: لا معارضةَ بينَهما إذ الحديثُ اقتضَى حكْمًا زائدًا على ما في الآيةِ معَ أن الآيةَ ليسَ المقصودُ فيها تحديدَ أيامِ النحرِ، والحديثُ المقصودُ منهُ [التحديد] (١) قالَ بجواز الذبحِ في اليومِ الرابعِ إذا كانَ منْ أيامِ التشريقِ باتفاقٍ، ولا خلافِ بينَهم أن [الأيامَ] (٢) المعدوداتِ هي أيامُ التشريقِ وأنَّها ثلاثةُ أيامٍ بعدَ يومِ النحرِ إلَّا ما يُرْوَى عنْ سعيدِ بن جبيرٍ أنهُ قالَ: يومُ النحرِ من أيام التشريقِ. وإنَّما اختلفُوا في الأيامِ المعلوماتِ على القولينِ.

وأما مَنْ قالَ يومُ النحرِ فقطْ فبناهُ على أن المعلوماتِ العشرُ الأُوَلُ، قالُوا: وإذا كانَ الإجماعُ قدِ انعقدَ على أنهُ لا يجوزُ الذبحُ هنا إلا في اليومِ العاشرِ وهي محلُّ الذبحِ المنصوصِ عليهِ فوجبَ أنْ لا يكونَ إلا يومُ النحرِ فقطْ، انتَهى.

فائدةٌ: في "النهاية" (٣) أيضًا ذهبَ مالكٌ في المشهورِ عنهُ إلى أنهُ لا يجوزُ التضحيةُ ليالي أيامِ النحرِ، وذهبَ غيرُه إلى جوازِ ذلكَ. وسببُ الاختلافِ هوَ أن اليومَ يطلقُ على اليومِ والليلةِ نحوَ قولِه تعالى: {فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ} (٤)، ويطلقُ على النهارِ فقط دونَ الليلِ نحوَ: {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ} (٥)، فعطفَ الأيامَ علَى اللَّيالي والعطفُ يقتضي المغايرةَ، [ولكنْ] (٦) بقيَ النظرُ في أيُّهما أظهرُ، والمحتجُّ بالمغايرةِ في أنهُ لا يصحُّ بالليلِ عملٌ بمفهومِ اللقبِ ولم يقلْ بهِ إلَّا الدقَّاقُ، إلا أنْ يقالَ دلَّ الدليلُ أنهُ يجوزُ في النهارِ والأصلُ في الذبحِ الحظْرُ فيبقى الليلُ على الحظْرِ والدليلُ على مجوزه في الليلِ اهـ.

قلتُ: لا حظْرَ في الذبحِ، بلْ قدْ أباحَ اللهُ ذبحَ الحيوان في أيِّ وقتٍ، وإنما كان الحظْرُ عقلًا قبلَ إباحةِ اللهِ تعالَى [ذلك] (٧).


(١) في (ب): "ذلك".
(٢) زيادة من (ب).
(٣) أي "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (٢/ ٤٤٨).
(٤) سورة هود: الآية ٦٥.
(٥) سورة الحاقة: الآية ٧.
(٦) زيادة من (ب).
(٧) زيادة من (ب).