للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مستحب لا واجب] (١). وظاهرُ وجوبِ تقديمِ الكفارةِ، ولكنَّهُ ادَّعَى الإجماعَ على عدمِ وجوب تقديمِها، وعلى جوازِ تأخيرها إلى بعدَ الحنثِ [لا يصحُّ تقديمُها قبلَ اليمينِ. وَدلتْ روايةُ: "ثمَّ ائْتِ الذي هوَ خيرٌ" على أنهُ يقدمُ الكفارةَ] (٢) [قبل الحنث] (٣) [للاقتضاء] (٤)، (ثمَّ) الترتيبَ، وروايةُ الواوِ تُحْمَلُ علَى روايةِ (ثمَّ) حملًا للْمطلَقِ على المقيَّدِ، فإنْ تمَّ الإجماعُ [على جوازِ تأخيرِها] (٥)، وإلا فالحديثُ دالٌ على وجوبِ تقديمِها. وممنْ ذهبَ إلى جوازِ تقديمِها على الحنْثِ مالكٌ والشافعيُّ وغيرُهما، وأربعةَ عشر [صحابيًا] (٦)، وجماعةٌ منَ التابعينَ، وهوَ قولُ جماهيرِ العلماء (٧). لكنْ قالُوا: يستحبُّ تأخيرُها عن الحنثِ، وظاهرُه أن هذا جارٍ في جميعِ أنواعِ [الكفارات] (٨).

وذهبَ الشافعيُّ إلى عدمِ إجزاءِ تقديمِ التكفيرِ بالصومِ وقالَ: لا يجوزُ قبلَ الحنثِ لأنَّها عبادةٌ بدنيةٌ، لا يجوزُ تقديمُها على وقْتِها كالصلاةِ وصومِ رمضانَ، وأما التكفيرُ بغيرِ الصوم فجائزٌ تقديمُه كما يجوزُ تعجيلُ الزكاةِ. وذهبتِ الهادويةُ والحنفيةُ إلى أنهُ لا يجوزُ تقديمُ التكفيرِ على الحنثِ على كلِّ حالٍ.

قالتَ الهادويةُ: لأنَّ سببَ وجوبِ الكفارةِ هوَ مجموعُ الحنثِ واليمينِ، فلا يصحُّ التقديمُ قبلَ تمامِ سببِ الوجوبُ، وعندَ الحنفيةِ السببُ الحِنْثُ (٩).


(١) في (ب): "بأنه إنه إنما يستحب له ذلك لا أنه يجب".
(٢) زيادة من (ب).
(٣) زيادة من (ب).
(٤) في (ب): "الاقتضاء".
(٥) في (أ): "فذلك".
(٦) في (ب): "من الصحابة".
(٧) قال مالك، والشافعي، والليث بن سعد، والأوزاعي، وعبد اللهِ بن المبارك، وسفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق: لا بأس أن يكفر قبل الحنث.
وقال مالك، والشافعي، والثوري: ولو حنث ثم كفَّرَ كانَ أحبَّ إلينا.
قال أبو عمر: رُويَ جوازُ الكفارة قبل الحنث عن ابن عمر، وسلمان، ومسلمةَ بن مخلد، وأبي الدرداء، وابن سيرين، وجابر بن زيد.
[انظر: "الاستذكار" (١٥/ ٧٨ - ٧٩)].
(٨) في (ب): "الكفارة".
(٩) وقدم الحِنْثُ قبل الكفارة في حديث:
• عدي بن حاتم: الذي أخرجه مسلم رقم (١٧/ ١٦٥١)، والنسائي (٧/ ١١)، والبيهقي =