للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْجَاهِلِيّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً في الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، قَالَ: "أَوْفِ بِنَذْرِكَ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (١). وَزَادَ الْبُخَارِيُّ في رِوَاية: فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً. [صحيح]

(وعنْ عمرَ - رضي الله عنه - قالَ: قلت: يا رسولَ اللهِ، إني نذرت في الجاهليةِ أنْ أعتكفَ ليلةً في المسجدِ الحرامِ، قالَ: فأوفِ بنذِركَ. متفقٌ عليهِ. وزادَ البخاريُّ في روايةٍ: فاعتكفَ ليلةً). دلَّ الحديثُ على أنهُ يجبُ على الكافرِ الوفاءُ بما نذرَ بهِ إذا أسلمَ. وإليهِ ذهبَ البخاريُّ، وابنُ جريرٍ، وجماعةٌ منَ الشافعيةِ لهذا الحديثِ، وذهبَ الجماهيرُ إلى أنهُ لا ينعقدُ النذرُ منَ الكافرِ.

قالَ الطحاويُّ: لا يصحُّ منهُ التقربُ بالعبادةِ، قالَ: ولكنهُ يحتملُ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فهمَ منْ عمرَ - رضي الله عنه - أنهُ سمحَ بفعلِ ما كانَ نذرَ فأمرَهُ بهِ لأنَّ فعلَه طاعةٌ وليسَ هوَ ما كانَ نذرَ بهِ في الجاهليةِ. وذهبَ بعضُ المالكيةِ إلى أنهُ - صلى الله عليه وسلم - إنَّما أمرَ بهِ استحباب وإنْ كانَ التزمَه في حالٍ لا ينعقدُ فيها. ولا يخْفَى أن القولَ الأولَ أوفقُ بالحديثِ والتأويلُ تعسفٌ. وقدِ استدلَّ بهِ على أن الاعتكافَ لا يشترطُ فيهِ الصومُ؛ إذِ الليلُ ليسَ ظرفًا لهُ. وتعقبَ: بأنَّ في روايةٍ عندَ مسلمٍ (٢) يومًا وليلةً، وقدْ وردَ ذكرُ الصومِ صريحًا في روايةِ أبي داودَ (٣)، والنسائيّ (٤): "اعتكفْ وصمْ"، وهوَ ضعيفٌ.

* * *


(١) البخاري رقم (٢٠٣٢)، (٢٠٤٣) و (٣١٤٤)، (٤٣٢٠)، (٦٦٩٧)، ومسلم (٣/ ١٢٧٧ رقم ١٦٥٦).
قلت: وأخرجه أبو داود (٣/ ٦١٦ رقم ٣٣٢٥)، والترمذي (٤/ ١١٢ رقم ١٥٣٩)، والنسائي (٧/ ٢١ - ٢٢ رقم ٣٨٢٠، ٣٨٢١، ٣٨٢٢)، وابن ما جه (١/ ٦٨٧) رقم (٢١٢٩)، وأحمد (١/ ٣٧، ٤١٩)، والحميدي (٢/ ٣٠٤ رقم ٦٩١)، البيهقي (٤/ ٣١٨) و (١٠/ ٧٦، ٨٣، ٨٤)، والدارمي (٢/ ١٨٣).
(٢) في "صحيحه" (٣/ ١٢٧٧ رقم … / ١٦٥٦).
(٣) في "السنن" (٢/ ٨٣٧، ٨٣٨ رقم ٢٤٧٤) و (٣/ ٦١٦، ٦١٧ رقم ٣٣٢٥).
(٤) في "السنن الكبرى" - كما في "تحفة الأشراف" (٦/ ١٨، ١٩ رقم ٧٣٥٤) من حديث ابن عمر. وهو حديث صحيح دون قوله: "أو يومًا"، وقوله: "وصم".