للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(عنْ بريدةَ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: القضاةُ ثلاثةٌ: اثنانِ في النارِ، وواحدٌ في الجنة)، [وكأنهُ] (١) قيلَ: مَنْ همْ؟ فقالَ: (رجلٌ عرفَ الحق فقضَى بهِ فهوَ في الجنةِ، ورجلٌ عرفَ الحق فلمْ يقضِ بهِ وجارَ في الحكمِ فهوَ في النارِ، ورجلٌ لم يعرفِ الحق فقضَى للناسِ على جَهْل فهوَ في النارِ. رواهُ الأربعةُ، وصحَّحهُ الحاكمُ).

وقالَ في علومِ (٢) الحديثِ: تفرَّد بهِ [الخراسانيونَ] (٣)، ورواتُه مراوزةٌ. قالَ المصنِّفُ: لهُ طرقٌ غيرُ هذهِ جمعتُها في جزءٍ مفردٍ. والحديثُ دليلٌ على أنهُ لا ينجُو منَ النارِ منَ القضاةِ إلا مَنْ عرفَ الحقَّ وعملَ بهِ. والعمدةُ العملُ، فإنَّ منْ عرفَ الحقَّ فلم يعملْ به [فهوَ] (٤) ومنْ حكمَ بجهلٍ سواءٌ في النارِ. وظاهرُه أن مَنْ حكمَ بجهلٍ وإنْ وافقَ حكمهُ الحقَّ [فإنهُ] (٥) في النار لأنهُ أطلقُه [وقالَ: فقضَى] (٦) للناسِ على جهلٍ، فإنهُ يصدقُ على مَنْ وافقَ [الحقَّ وهوَ] (٧) جاهلٌ في قضائِه - أنهُ قضَى على جهلٍ. وفيهِ التحذيرُ منْ الحكم بجهلٍ أوْ بخلافِ الحقِّ معَ معرفتهِ بهِ. والذي في الحديث أن الناجيَ مَنْ قضَى بالحقِّ عالمًا بهِ، والاثنانِ في النارِ. وفيهِ أنهُ يتضمَّنُ النَّهْيَ عنْ توليةِ الجاهلِ القضاءَ. قالَ في مختصرِ شرحِ السنة: "إنهُ لا يجوزُ لغيرِ المجتهدِ أنْ يتقلَّدَ القضاءَ، ولا يجوزُ للإمامِ توليتُه.

قالَ: والمجتهدُ مَنْ جمعَ خمسةَ علومٍ: علمَ كتابِ اللَّهِ تعالى، وعلمَ سنَّةِ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وأقاويلَ [علماءِ] (٨) السلفِ منْ إجماعِهم واختلافِهم، وعلمَ اللغةِ، وعلمَ القياسِ، وهوَ طريقُ استنباطِ الحكمِ منَ الكتابِ والسنةِ إذا لم [يجدْه] (٩) صريحًا في نصِّ كتابٍ أو سنةٍ أو إجماعٍ، فيجبُ أنْ يعلمَ مِنْ علمِ


= الدارقطني: متروك، ولم يوثقه أحد بخلاف البغوي، فقد قال الساجي: "من أهل الصدق، وليس بقوي. وذكر له ابن عدي مناكير وهذا كل ما جرح به. وذكره ابن حبان في الثقات"، فقول الذهبي: منكر الحديث لا يخلو من مبالغة، وقد قال في "الضعفاء": ضعَّفوه ولم يُترك".
وهو حديث صحيح. وانظر: "الإرواء".
(١) في (أ) "فكأنه".
(٢) للحاكم النيسابوري (ص ٩٩).
(٣) في (أ) "الخراسيون".
(٤) زيادة من (ب).
(٥) في (أ): "في أنه".
(٦) في (أ): "فقال يقضى".
(٧) زيادة من (ب).
(٨) في (أ): "على".
(٩) في (أ): "تجده".