للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالحاءِ والراءِ المهملتينِ، الأنصاريُّ السلميُّ، منْ مشاهيرِ الصحابةِ، ذكرَ البخاريُّ أنهُ شهدَ بدرًا، وكانَ ينقلُ الماءَ يومئذٍ، ثمَّ شهدَ بعدَها معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثماني عشْرةَ غزوةً، ذكرَ ذلكَ الحاكمُ أبو أحمدَ، وشهدَ صفينِ معَ عليّ - عليه السلام - وكانَ منْ المكثرينَ الحفاظِ، وكُفَّ بصرهُ في آخرِ عمرهِ، وتوفي سنةَ أربعٍ أو سبعٍ [وتسعين] (١) بالمدينةِ، وعمرهُ أربعٌ وتسعونَ سنةً، وهوَ آخَرُ مَنْ ماتَ بالمدينةِ مِنَ الصحابةِ.

(في صفةِ حجِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -) يشيرُ إلى حديثٍ جليلٍ شريفٍ [في صفة الحج، و] (٢) سيأتي - إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى - في الحجِّ.

(قال) [أي النبيُّ] (٣) - صلى الله عليه وسلم -: (ابْدؤُا بمَا بَدَأَ اللَّهُ بهِ. أخرجهُ النسائيُّ هكذَا بلفظِ الأمرِ، وهوَ عندَ مسلمٍ بلفظِ الخبر) أيْ بلفظِ: (أبدأُ). ولفظُ الحديث: (قالَ: ثم خرجَ - أي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - منَ الباب - أي [بابَ الحرم] (٤) - إلى الصفَا، فلمَا دَنَا منَ الصفَا قرأَ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِر اللَّهِ} (٥) أبدأ بما بدأَ اللَّهُ بهِ)، بلفظِ الخبرِ فِعلًا مضارِعًا؛ فبدأ بالصَّفَا لبداءةِ اللَّهِ بهِ في الآيةِ.

وذكرَ المصنفُ هذهِ القطعةَ مِنْ حديثِ جابرٍ هُنَا؛ لأنهُ أفادَ أن ما بدَأَ اللَّهُ بهِ ذكْرًا نبتدئُ بهِ فعْلًا، فإنَّ كلامهُ كلامُ حكيمٍ لا يبدأُ ذكرًا إلَّا بما يستحقُّ البداءةَ بهِ فعلًا، فإنهُ مقتضَى البلاغةِ، ولذَا قالَ سيبويه: إنَّهمْ - أيْ العربُ - يقدمونَ ما همْ بشأنِه أهمُّ وهمْ به أعْنى، فإنَّ اللفظَ عامٌّ، والعامُّ لا يقصرُ على سببهِ - أعني بما بدأَ اللَّهُ بهِ - لأنَّ كلمةَ (ما) موصولةٌ، والموصولاتُ منْ ألفاظ العمومِ، وآيةُ الوضوءِ - وهي - قولُهُ تعالى: {فَاغسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (٦) داخلةٌ تحتَ الأمرِ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ابْدؤُا بما


= و (جامع الأصول) (٩/ ٨٦) رقم (٦٦٢٨)، و (تهذيب الأسماء واللغات) (١/ ١٤٢ - ١٤٣) رقم (١٠٠)، و (تذكرة الحفاظ) (١/ ٤٠)، و (الإصابة) (٢/ ٤٥) رقم (١٠٢٢)، و (الاستيعاب) (٢/ ١٠٩ - ١١١) رقم (٢٨٧)، و (تهذيب التهذيب) (٢/ ٣٧ - ٣٨) رقم (٦٧).
(١) في النسخة (أ): (وسبعين من الهجرة).
(٢) زيادة من النسخة (أ).
(٣) زيادة من النسخة (ب).
(٤) في النسخة (أ): من باب الحرم أي المسجد بعد طوافه لعمرته.
(٥) سورة البقرة: الآية (١٥٨).
(٦) سورة المائدة: الآية (٦).