للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منْ وجهٍ يعتمدُ عليهِ، وفيهِ دليل على أنهُ لا يجوزُ للشاهدِ أنْ يشهدَ إلَّا علَى ما يعلمهُ علْمًا يقينًا كما يعلم الشمسَ بالمشاهدة، ولا تجوزُ الشهادةُ بالظنِّ، فإنْ كانتِ الشهادةُ على فعلٍ فلا بدَّ منْ رؤيتهِ، وإنْ كانتْ على صوتٍ فلا بدَّ منْ سماع الصوتِ، ورؤيةِ المصوِّتِ، أو التعريفِ بالمصوِّتِ بعدلَيْنِ أو عدلٍ عندَ منْ يكتفي بهِ إلَّا في مواضعَ فإنها تجوزُ الشهادةُ بالظنِّ. وقدْ بوَّبَ البخاريُّ (١) للشهادةِ على الظنِّ بقولهِ: (بابُ الشهادةِ على الأنسابِ والرضاعِ المستفيضِ، والموتِ القديمِ) وذكرَ أربعةَ أحاديثَ (٢) في ثبوتِ الرضاعِ، وثبوتُه إنَّما هوَ بالاستفاضةِ ولم يذكرْ حديثًا على رؤيةِ الرضاعِ، وأشارَ بذلكَ إلى ثبوتِ النسبِ، فإنَّ لازمَ الرضاعِ ثبوتُ النسبِ، وأما ثبوتُ الرضاعةِ نفسها بالاستفاضةِ فإنهُ مُسْتَفَادٌ منْ صريحِ الأحاديثِ، فإنَّ الرَّضاعةَ المذكورةَ فيها كانتْ في الجاهليةِ، وكانَ ذلكَ مستفيضًا عندَ مَنْ وقعَ لهُ. وحدُّ الاستفاضةِ عندَ الهادويةِ شهرةٌ في المحلَّةِ تثمرُ ظنًا أو عِلْمًا، وإنَّما اكْتُفي


= وذكره العقيلي والساجي والدولابي وابن الجارود في "الضعفاء"، وقال ابن حزم: منكر الحديث. انظر " (لسان الميزان" (٥/ ١٨٥، ١٨٦)، وذكره ابن حبان في "الثقات" (٧/ ٤٣٩).
وقال الشيخ: ولمحمد بن مشمول غير هذا الحديث وعامة ما يرويه لا يتابع عليه في إسناده ولا متنه، "الكامل" (٦/ ٢٢١٤).
(١) في "صحيحه" (٥/ ٢٥٣).
(٢) • (منها): ما أخرجه برقم (٢٦٤٤) عن عائشة قالت: "استأذن عليَّ أفلح فلم آذن له فقال: أتحتجبين مني وأنا عمُّك؟ فقلتُ: وكيف ذلك؟ فقال: أرضعتك امرأة أخي بلبن أخي، فقالت: سألت عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: صدق أفلح، ائذني له".
• (ومنها): ما أخرجه برقم (٢٦٤٥) عن ابن عباس قال: "قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في بنت حمزة: لا تحلُّ لي، يحرم من الرَّضاعة ما يحرم من النسب، هي ابنة أخي من الرَّضاعة".
• (ومنها): ما أخرجه برقم (٢٦٤٦) عن عمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرتها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عندها، وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة، قالت عائشة: فقلت يا رسول الله أراه فلانًا لعمِّ حفصة من الرِّضاعة - فقالت عائشة: يا رسول الله هذا رجل يستأذنُ في بيتك. قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أراه فلانًا، لعمِّ حفصة من الرضاعة. فقالت عائشة: لو كان فلانٌ حيًا - لعمِّها من الرضاعة - دخل عليّ. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم، إن الرضاعة تُحَرِّم ما يحرُم من الولادة".
• (ومنها): ما أخرجه برقم (٢٦٤٧) عن مسروق أن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - وعندي رجل فقال: يا عائشة من هذا؟ قلتُ: أخي من الرِّضاعة، قال: يا عائشة انظرن من إخوانكنَّ، فإنما الرضاعة من المجاعة".