للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعنِ ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: إذا أكلَ أحدُكم طعَامًا فلا يمسحْ يدَه حتَّى يلْعقَها) بنفسِه، (أو يُلْعِقَها) غيرَه. الأولُ بفتح حرف المضارعَةِ منْ لعقَ، والثاني [بضمِّه] (١) من ألعقَ [رباعي والأول ثلاثي] (٢) (متفقٌ عليهِ). والحديثُ دليلٌ على عدمِ [تعيينِ] (٣) غسلِ اليدِ منَ الطعامٍ، وأنهُ يجزئُ مسحُها، وفيهِ دليل على أنهُ يجبُ لعقُ اليدِ أو إلعاقُها الغيرَ، وعلَّلهُ في الحديثِ: "بأنهُ لا يدري في أيِّ طعامِه البركةُ" كما أخرجَهُ مسلمٌ (٤) أنهُ - صلى الله عليه وسلم -: "أمرَ بلعقِ الأصابعِ والصحفةِ وقالَ: "إنكمُ لا تدرونَ في أيٍّ البركةُ"، "وكذلكَ أمرَ - صلى الله عليه وسلم - بالتقاطِ اللقمةِ [من الأرض] (٥) ومسْحِها وأكْلِها" كما في روايةٍ (٦) لمسلمٍ أيضًا بلفظٍ: "إذا وقعتْ لقمةُ أحدِكم فلْيُمِطْ ما بها منَ الأذى، وليأكلْها، ولا يدعْها للشيطانِ". وهذهِ الأمورُ منَ اللعقِ والإلعاقِ، ولعقِ الصحفةَ، وأكلِ ما يسقطُ، ظاهرُ الأوامر وجوبها. وإلى هذا ذهبَ أبو محمدِ بن حزمٍ، وقالَ: إنَّها فرضٌ. والبركةُ هي النماءُ والزيادةُ والخيرُ، والمرادُ هنا ما يحصلُ بهِ التغذيةُ وتسلمُ عاقبتُه من أذَى والتقوى علَى طاعةِ اللَّهِ وغيرِ ذلكَ. وهذهِ البركةُ قدْ تكونُ في لعق اليد، أو لعقِ الصحفةِ، أوْ أكْلِ ما [سقط على الأرض، وإذا] (٧) كانَ علَّلَ أكْلَ الساقطِ بأنهُ لا يدعُها للشيطانِ. والمرادُ منْ قولهِ يدَه هوَ أصابعُ يدهِ الثلاثِ كما وردَ أنهُ (٨) - صلى الله عليه وسلم - كان يأكل بثلاثِ أصابعَ ولا يزيدُ الرابعةَ والخامسةَ إلا إذا احتاجَهما، بأنْ يكونَ الطعامُ غيرَ مشتدٍّ أو نحو ذلك. وقدْ أخرجَ سعيدُ بنُ منصورٍ (٩): "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا أكلَ أَكَلَ بخمسٍ" وهوَ مرسلٌ. وفي الحديث دلالةٌ على أنهُ لا بأسَ بإلعاقِ الغيرِ أصابعَه منْ زوجةٍ وخادمٍ وولدٍ وغيرِهم، فإنْ تنجستِ اللقمةُ الساقطةُ فيزيلُ ما فيها منْ نجاسةٍ إنْ أمكنَ، وإلا أطعَمَها حيوانًا، ولا يدعُها للشيطانِ كما [قاله] (١٠)


(١) في (أ): "بضمها".
(٢) زيادة من (أ).
(٣) زيادة من (ب).
(٤) في "صحيحه" رقم (٢٠٣٣).
(٥) زيادة من (أ).
(٦) في "صحيحه" رقم (٢٠٣٣).
(٧) في (ب): "ما يسقط من لقمةٍ وإنْ".
(٨) أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (١٣١ و ١٣٢/ ٢٠٣٢).
(٩) وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٨/ ٧٨٢ رقم ٤٥١٧) عن الزهري.
(١٠) في (ب): "ذكره".