للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي روايةٍ (١): "فإنْ عجزْتُم عنْ مكافأتهِ فادعُوا لهُ حتَّى تعلمُوا أنْ قدْ شكرتُم، فإنَّ الله يحبُّ الشاكرينَ". وأخرجَ الترمذيُّ (٢) وقالَ: حسنٌ غريبٌ: "منْ أعطَى عطيةً فوجدَ فليجْزهِ، فإنْ لم يجدْ فليثنِ فإنَّ منْ أثنَى فقدْ شكرَ، ومنْ كتَم فقدْ كفرَ، ومنْ تحلَّى بباطلٍ فهوَ كلابسِ ثوبي زورٍ".

والحديثُ دليلٌ على أنهُ منِ استعاذَ باللهِ عنْ أيِّ أمرٍ طُلبَ منهُ غيرُ واجبٍ عليهِ، فإنهُ يعاذُ بترك ما طُلِبَ منهُ أنْ يفعلَ، وأنهُ يجبُ إعطاءُ من يسأل بالله، وإن كان قد ورد أنه لا يسأل بالله إلا الجنة فمن سأل من المخلوقين بالله شيئًا وجب إعطاؤه إلا أن يكون منهيًا عن إعطائه. وقد أخرج الطبراني بسند رجاله رجالُ الصحيحِ إِلا شيخَه - وهوَ ثقةٌ على كلامٍ فيهِ - منْ حديثِ أبي موسَى (٣) الأشعريِّ أنهُ سمعَ رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "ملعون منْ سألَ بوجهِ اللَّهِ، وملعونٌ منْ سُئِلَ بوجهِ اللَّهِ ثمَّ منعَ سائلَه ما لم يسألْ هُجْرًا" بضمِّ الهاءِ، وسكونِ الجيمِ، أي أمرًا قبيحًا لا يليقُ، ويحتملُ ما لم يسألْ سؤالَا قبيحًا أي بكلامِ يقبحُ، ولكنَّ العلماءَ حملُوا هذا الحديثَ علَى الكراهةِ، ويحتملُ أنهُ يرادف بهِ المضطر ويكونُ ذكرهُ هنا أن منعَه معَ سؤالهِ باللهِ تعالى أقبحُ وأفظعُ، ويحملُ لعنُ السائلِ على ما إذا ألحَّ في [المسألةِ] (٤) حتَّى أضجرَ المسؤولَ.

ودلَّ الحديثُ علَى وجوبِ المكافأةِ للمحسنِ، إلا إذا لم يجدْ فإنهُ كافأه بالدعاءِ، وأجزأَه إنْ علمَ أنهُ قدْ طابتْ نفسُه أو لم تطبْ بهِ وهو ظاهرُ الحديثِ.

* * *


(١) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (١/ ٤١٢)، والنسائي (٥/ ٨٢)، والبيهقي (٤/ ١٩٩).
(٢) في "السنن" رقم (٢٠٣٤).
(٣) وهو حديث حسن. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٣/ ١٥٣): رواه الطبراني في الكبير، وإسناده حسن على ضعف في بعضه مع توثيق.
(٤) في (أ): "السؤال".