للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لشواهدهِ. الحديثُ دليلُ على شرفِ الزهدِ [في الدنيا] (١) وفضلهِ، وأنهُ يكونُ سببًا لمحبةِ اللَّهِ تعالى لعبدهِ، ولمحبةِ الناسِ لهُ، لأنَّ مَنْ زهِدَ فيما هوَ عندَ العبادِ أحبُّوه لأنها جُبِلَت الطباع على استثقالِ مَنْ أنزلَ [بالمخلوقينَ حاجاتِه] (٢)، وطمعَ فيما في أيديهمْ. وفيهِ أنهُ لا بأسَ بطلبِ محبةِ العبادِ، والسعي فيما يكسبُ ذلكَ، بلْ هو مندوبٌ إليهِ كما قالَ - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيدهِ لا تؤمِنُوا حتَّى تحابوا" (٣)، وأرشد - صلى الله عليه وسلم -[العباد] (٤) إلى إفشاء السلام، فإنه من جوالب المحبة، وإلى التهادي ونحو ذلك.

٧/ ١٣٩٢ - وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِن الله يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيِّ الْخَفِيَّ"، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (٥). [صحيح]

(وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ، النقي، الْغَنِيَّ، الْخَفِيَّ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ). فسَّرَ العلماءُ محبةَ اللَّهِ تعالى لعبدهِ [بأنَّها إرادتهُ] (٦) الخيرَ لهُ، وهدايتهُ ورحمتهُ [ولطفه] (٧)، ونقيضُ ذلكَ بُغضُ اللهِ تعالى. والتقيُّ وهوَ الآتي بما يجبُ عليهِ المجتنِبُ لما يحرمُ عليهِ. [ومراتب التقوى متفاوتة] (٨). والغِنَى هوَ غِنَى النفسِ، فإنهُ الغِنَى المحبوبُ إليه تعالى، قالَ - صلى الله عليه وسلم -: "ليسَ الغِنَى بكثرةِ العرضِ، ولكنَّ الغِنَى غِنَى النفسِ" (٩).

وأشارَ عياضٌ إلى أنَّ المرادَ بهِ غِنَى المالِ وهوَ محتملٌ، والخفيُّ بالخاءِ المعجمةِ والفاءِ، أي: الخاملُ المنقطعُ إلى عبادةِ اللَّهِ، والاشتغالِ بأمورِ نفسِه، وضَبَطَهُ بعضُ رواةِ مسلمٍ بالحاءِ المهملةِ، ذكرَهُ القاضي عياضٌ. والمرادُ بهِ الوصولُ للرحمِ اللطيفِ بهم وبغيرِهم منَ الضعفاءِ. وفيهِ دليلٌ على تفضيلِ الاعتزالِ وتركِ الاختلاطِ بالناسِ.


(١) زيادة من (أ).
(٢) في (أ): "حاجته بالمخلوقين".
(٣) أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (٩٣/ ٥٤) من حديث أبي هريرة.
(٤) زيادة من (أ).
(٥) في "صحيحه" رقم (١١/ ٢٩٦٥).
(٦) في (أ): "بإرادة".
(٧) زيادة من (أ).
(٨) زيادة من (أ).
(٩) أخرجه البخاري رقم (٦٤٤٦)، ومسلم في "صحيحه" رقم (١٢٠/ ١٠٥١) من حديث أبي هريرة.