للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صمتَ نجَا". وقال عقبةُ (١): قلتُ لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ما النجاةُ؟ قالَ: "أمسكْ عليكَ لسانَكَ" الحديثَ. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من تكفَّلَ لي بما بينَ لحييهِ ورجليهِ أتكفلُ لهُ بالجنةِ" (٢). وقالَ معاذٌ - رضي الله عنه - لهُ - صلى الله عليه وسلم -: أنُؤَاخَذُ بما نقولُ؟ قالَ: "ثكلتكَ أمُّكَ، وهلْ يَكُبُّ الناسَ على مناخِرِهِم [في النار] (٣) إلَّا حصائدُ ألسِنتهم" (٤). وقالَ - صلى الله عليه وسلم -: "منْ كانَ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فليقلْ خيرًا أو ليصمتْ" (٥).

والأحاديثُ واسعةٌ جدًّا [في حسن الصمت] (٦)، والآثارُ عن السلفِ، واعلمْ أن فضولَ الكلامِ لا تنحصرُ، بلِ المهمُّ محصورٌ في كتابِ اللهِ تعالى حيثُ قالَ: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} الآية (٧). وآفاتُه لا تنحصرُ فعدَّ منْها الخوضَ في الباطلِ، وهوَ الحكايةُ للمعاصي من مخالطةِ النساءِ، ومجالسِ الخمرِ، ومواقفِ الفساقِ، وتنعُّم الأغنياء، وتجبُّرِ الملوكِ ومراسِمهم المذمومةِ، وأحوالِهم المكروهةِ؛ فإنَّ كلَّ ذلكَ مما لا يحلُّ الخوضُ فيهِ فهذا حرامٌ. ومنها الغيبةُ والنميمةُ وكفَى بهمَا هلاكًا في الدينِ، ومنْها المِراءُ والمجادلةُ والمِزاحُ، ومنْهَا الخصومةُ والسبُّ والفحشُ وبذاءةُ اللسانِ، والاستهزاءُ بالناس، واللعن والسخريةُ، والكذبُ. وقدْ عدَّ الغزاليُّ في الإحياءِ (٨) عشرينَ آفةً، وذكرَ في كلِّ آفةٍ كلامًا بسيطًا حسنًا، وذكرَ علاجَ هذهِ الآفاتِ.

* * *


(١) وهو حديث حسن. أخرجه الترمذي (٢٤٠٦) وقال: حسن.
وابن أبي الدنيا في "الصمت" رقم (٢)، وأحمد (٥/ ٢٥٩)، وفي "الزهد" رقم (٨٢)،
والبيهقي في "الشعب" (٨٠٥)، وفي "الزهد" (١٣٤)، وأبو نعيم في "الحلية" (٢/ ٩).
(٢) أخرجه البخاري في (٦٤٧٤)، والترمذي رقم (٢٤٠٨).
(٣) زيادة من (أ).
(٤) أخرجه الترمذي رقم (٢٦١٦)، وابن حبان رقم (١٥٦٩ - موارد) من حديث جابر، وهو حديث صحيح.
(٥) أخرجه البخاري رقم (٦٠١٨)، ومسلم رقم (٤٧)، وأبو داود رقم (٥١٥٤).
(٦) زيادة من (أ).
(٧) سورة النساء: الآية ١١٤.
(٨) (٣/ ١٠٧ - ١٦٢).