للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرياء يكونُ بالبدنِ وذلك بإظهارِ النحولِ والاصفرارِ ليوهمَ بذلكَ شدةَ الاجتهادِ والحزنِ على أمر الدينِ وخوفِ الآخرةِ، وليدلَّ بالنحولِ على قلةِ الأكلِ، [وبتشعثِ الشعرِ] (١) ودرنِ [الثوبِ يوهِمُ] (٢) أن همَّه بالدينِ ألهاهُ عنْ ذلكَ، وأنواعُ هذا واسعةٌ، وهوَ ليرى أنهُ منْ أهلِ الدين [والصلاح] (٣)، ويكونُ [الرياء] (٤) بالقولِ بالوعظِ في المواقفِ وبذكرِ حكاياتِ الصالحينَ ليدلَّ على عنايتهِ بأخبارِ السلفِ، وتبحُّرِه في العلمِ، ويتأسفُ على مقارفةِ النّاسِ للمعاصي والتأوُّه من ذلك، والأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكرِ بحضْرَةِ الناس، والرياءُ بالقولِ لا تنحصرُ [أبوابهُ] (٥)، وقد تكونُ المراءاةُ بالأصحاب والأتباع والتلاميذِ فيقالُ فلانُ متبوعٌ، قُدْوَةٌ، والرياءُ بابٌ واسعٌ، إذا عرفتَ ذلكَ فبعضُ أَبوابِ الرياءِ أعظمُ منْ بعضٍ لاختلافهِ باختلافِ أركانِه، وهيَ ثلاثةٌ: المراءى بهِ، والمراءَى لأجْلهِ، ونفسُ قصدِ الرياءِ [فقصْدُ الرياءِ] (٦) لا يخلو منْ أنْ يكونَ مجرَّدًا عنْ قصدِ الثوابِ، أو مصحُوبًا بإرادتِه، والمصحوبُ بإرادةِ الثوابِ لا يخلُو [عنْ] (٧) أنْ تكونَ إرادةُ الثوابِ أرجحُ أوْ أضْعَفُ أو متساوية، فكانتْ صورٌ أربع: الأولَى أنْ لا يكونَ قصدُ الثوابِ بلْ فعلُ الصلاةِ مثلًا ليراهُ غيرُه، وإذا انفردَ [لم] (٨) يفْعلها، وأخرجَ الصدقةَ لئلَّا يقالَ إنهُ بخيلٌ، وهذا أغلظُ أنواعِ الرياءِ وأخبثُها، وهوَ عبادةٌ [للعباد] (٩). الثانيةُ: قصدُ الثوابِ لكنْ قَصْدًا ضعيفًا بحيثُ إنهُ لا يحملُه على الفعلِ إلا [الرياء] (١٠)، ولكنَّه قصدَ الثوابَ فهذا الذي قبْلَه. والثالثة: تساوي القصْدانِ بحيثُ لم يبعثْه على [العمل] (١١) إلا مجموعُهُما، ولو خلَى عنْ كلِّ واحدٍ منْهما لم يفعلْه، فهذَا تساوى صلاحِ قصدِه وفسادِه، فلعلَّه يخرجُ رأسًا برأسٍ لا لهُ ولا عليهِ. الرابعةُ: أنْ يكونَ اطلاعُ الناسِ مرجّحًا ومقوِّيًا لنشاطِه، ولو لم يكنْ لما تركَ العبادةَ.


(١) في (أ): "ويوهم بشعثه".
(٢) في (أ): "ثوبه".
(٣) زيادة من (أ).
(٤) زيادة من (أ).
(٥) زيادة من (ب).
(٦) زيادة من (ب).
(٧) في (أ): "من".
(٨) في (ب): "لا".
(٩) في (أ): "للغير".
(١٠) في (ب): "مراءاة العباد".
(١١) في (ب): "الفعل".