للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

زهيرٍ لما قالَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: إني أعملُ العملَ وإذا اطُّلِعَ عليهِ سرَّني، فقالَ - صلى الله عليه وسلم -: لا شريكَ للَّهِ في عبادتِه. وفي روايةٍ: "إنَّ اللَّهَ لا يقبلُ ما شُورِكَ فِيهِ"، رواهُ ابنُ عباس (١). ورُوِيَ عنْ مجاهدٍ (٢) أنهُ جاءَ رجلٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: إني أتصدَّقُ وأصلُ الرحمَ، ولا أصنعُ ذلكَ إلَّا للَّهِ، فيُذْكَرُ ذلكَ منِّي فيسرني وأُعجَبُ بهِ فلمْ يقلِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لهُ شيئًا حتَّى نزلتِ الآيةُ يعني قولَه تعالَى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (٣)، ففي الحديثِ دلالةٌ على أن السرورَ بالاطلاعِ على العملِ رياءٌ، ولكنَّه يعارضُه ما أخرجَهُ الترمذيُّ (٤) منْ حديثِ أبي هريرةَ، وقالَ: حديثٌ غريبٌ قالَ: "قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ بينا أنا في بيتي في [صلاتي] (٥)؛ إذْ دخلَ عليَّ رجلٌ فأعجبني الحالُ التي رآني [عليها] (٦) فقالَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لكَ أجرانِ". وفي الكشافِ (٧) منْ حديثِ جندب أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قالَ لهُ: "لكَ أجرانِ أجرُ السرِّ، وأجرُ العلانيةِ وقدْ يرجِّحُ هذا الظاهرَ قولُه تعالَى: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ} (٨)، فدلَّ على أن محبةَ الثناءِ منْ رسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لا تنافي الإخلاصَ، ولا تُعَدُّ منَ الرياءِ. [ويُتَأوَّلُ] (٩) الحديثُ الأوّلُ بأنَّ المرادَ بقولِه: "إذا اطُّلِعَ عليهِ سرَّني" لمحبتهِ للثناءِ عليهِ فيكونُ الرياءُ في محبتِه الثناءَ على


(١) أخرج ابن منده وأبو نعيم في "الصحابة" وابن عساكر كما في "فتح القدير" (٣/ ٣١٨) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
قال: كان جندب بن زهير إذا صلَّى أو صام أو تصدَّق فذكر بخير ارتاح له فزاد في ذلك لقالة الناس، فلا يريد به الله فنزلت الآية، قلت: وهذا إسناد مظلم كله كذابون، فالحديث باطل.
(٢) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص ٢٩٩) بدون سند.
(٣) سورة الكهف: الآية ١١٠.
(٤) في "السنن" (٤/ ٥٩٤ رقم ٢٣٨٤) وعزاه إليه العراقي في "تخريج الإحياء" (٣/ ٣٠٨) من رواية ذكوان عن أبي هريرة وقال الترمذي: غريب، وقال: إنه رُوي عن أبي صالح وهو ذكر أنه مرسل.
(٥) في (أ): أصلي.
(٦) في (أ): فيها.
(٧) (٢/ ٤٠٤).
(٨) سورة التوبة: الآية ٩٩.
(٩) في (أ): "ويتناول".