للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(عَنْ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -) أيْ: في سفرٍ، كما صرَّحَ بهِ البخاريُّ. وعندَ مالكٍ (١)، وأبي داودَ تعيينُ السفرِ أنهُ في غزوةِ تبوكٍ، وتعيينَ الصلاةِ أنَّها صلاةُ الفجرِ، (فتوضأَ) أي: أخذَ في الوضوءِ، كما صرَّحتْ بهِ الأحاديثُ، ففي لفظٍ: "تمضمضَ واستنشقَ ثلاثَ مراتٍ"، وفي أخرى: "فمسحَ برأسهِ"، فالمرادُ بقولهِ: "توضأْ" أخذَ فيهِ، لا أنهُ استكملهُ، كما هوَ ظاهرٌ للفظِ، (فَأَهْوَيْتُ) أيْ: مددتُ يدي، أوْ قصدتُ الهويَّ منَ القيامِ إلى القعودِ (لأَنْزِعَ خُفَّيْهِ)، كأنهُ لم يكنْ قدْ علمَ برخصةِ المسحِ، أو علمَها وظنَّ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - سيفعلُ الأفضلَ، بناءً على أن الغَسْلَ أفضلُ، ويأتي فيهِ الخلافُ، أوْ جوَّزَ أنهُ لم يحصلْ شَرطُ المسحِ، وهذا الأخيرُ أقربُ لقولِهِ: (فَقَالَ: دَعْهُمَا) أي: الخفينِ (فإني أدخلْتُهما طاهرتينِ) حالٌ من القدمينِ، كما تبينُه روايةُ أبي داودَ: "فإني أدخلتُ القدمينِ الخفينِ، وهُما طاهرتانِ".

(فمسحَ عليهمَا. متفقٌ عليه) بينَ الشيخينِ. ولفظهُ هُنَا للبخاريِّ. وذكرَ البزارُ أنهُ رُويَ عن المغيرةِ مِنْ ستينَ طريقًا، وذكرَ منها ابنُ مَنْدَهْ خمسةً وأربعينَ طريقًا" (٢).

والحديثُ دليلٌ على جوازِ المسحِ على الخفينِ في السفرِ؛ لأنَّ هذا الحديثَ ظاهرٌ فيه [كما عرفت] (٣)، وأمَّا في الحَضَرِ، فسيأتي الكلامُ عليهِ في الحديثِ الثالث (٤).


= وقال الترمذي (١/ ١٦٣): "وهذا حديث معلول، لم يسنده عن ثور بن يزيد غير الوليد بن مسلم".
قال أبو عيسى: وسألت أبا زرعة ومحمد بن إسماعيل عن هذا الحديث؟ فقالا: ليس بصحيح، لأن ابن المبارك روى هذا عن ثور عن رجاء بن حيوة، قال: حُدِّثت عن كاتب المغيرة: مرسل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يُذكر فيه المغيرة".
قلت: وهو حديث ضعيف.
انظر: "التلخيص الحبير" (١/ ١٥٩ - ١٦٠)، و"نصب الراية" (١/ ١٨١ - ١٨٢).
(١) في "الموطأ" (١/ ٣٥ رقم ٤١).
(٢) ذكره ابن حجر في "التلخيص" (١/ ١٥٨).
(٣) زيادة من النسخة (أ).
(٤) حديث علي - رضي الله عنه - رقم (٤/ ٥٦).