للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ تَعَاظَمَ فِي نَفْسِهِ، وَاخْتَالَ فِي مَشْيَتِهِ، لَقِيَ الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ. أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ). تفاعلَ يأتي بمعنَى فعلَ، مثلَ توانيتُ بمعنى ونيتُ، وفيهِ مبالغةٌ، وهوَ المرادُ هنا، أي: مَنْ عظَّمَ نفسَه إما باعتقادٍ أنهُ يستحقُّ منَ التعظيمِ فوقَ ما يستحقُّه غيرُه ممنْ لا يعلمُ استحقاقَهُ الإهانةَ. ويحتملُ هنا أن تعاظَمَ بمعنَى تعظَّمَ مشددةً، أي اعتقدَ في نفسِه أنهُ عظيمٌ كتكبَّرَ اعتقدَ أنهُ كبيرٌ، أو يكونُ تفعَّل بمعنَى استفعل أي طلبَ أنْ يكونَ عظيمًا، وهذا يلاقي معنَى تكبَّرَ والكبر كما قال المهدي في كتابِ تكملةِ الأحكامِ: هوَ اعتقادُ أنهُ يستحقُّ منَ التعظيمِ فوقَ ما يستحقُّه غيرُه ممنْ لا يعلمُ استحقاقَه الإهانةَ. وقد أخرجَ مسلمٌ (١)، والحاكمُ (٢)، والترمذيُّ (٣) من حديثِ ابن مسعودٍ أنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَدخلُ الجنةَ مَنْ في قلبِه مثقالُ ذرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ"، قالَ رجلٌ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ الرجلَ يحبُّ أنْ يكونَ ثوبَه حسنًا، ونعلُه حسنًا، قالَ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ اللَّهَ جميلٌ يحبُ الجمالَ، الكِبْرُ بطرُ الحقِّ، وغمطُ الناسِ"، قيلَ: هوَ أن يتكبَّرَ عن الحقِّ فلا يراهُ حقًّا، وقيلَ: أن يتكبَّرَ عن الحقِّ فلا يقبلُه. وقالَ النوويُّ: معناهُ الارتفاعُ عن الناس واحتقارُهم ودفعُ الحقِّ وإنكارُه ترفُّعًا وتجبُّرًا. وجاءَ في روايةِ الحاكمِ (٤): "ولكنَّ الكبرَ منْ بطرَ الحقَّ وازدَرى الناسَ". بطر الحقِّ دفْعُه وردُّه، وغمطُ الناسِ بفتْحِ المعجمةِ، وسكونِ الميمِ، وبالطاءِ المهملةِ، احتقارُهم وازدراؤُهم. هكذَا جاءَ مفسَّرًا عندَ الحاكم، [قالهُ المنذريُّ] (٥). ولفظُه (مَنْ) رُوِيتْ بالكسرِ لميمِها على أنها حرفُ جرٍّ وبفتحِها على أنَّها موصولةٌ، والتفسيرُ النبويُّ دلَّ على أنهُ ليسَ مِنْ قبيلِ الاعتقادِ وإنَّما هوَ [بمعنى] (٦) عدمِ الامتثالِ [للحق] (٧) تعززًا وترفُّعًا، واحتقارًا للناس. قالَ ابنُ حجرٍ في الزواجرِ (٨): الكِبْرُ إما باطنٌ وهوَ خلق في النفس، واسم الكبر بهذا أحق،


= قلت: وأخرجه الطبراني في "الكبير" كما في "مجمع الزوائد" (١/ ٩٨) وقال الهيثمي: رواه أحمد (٢/ ١١٨)، ورجاله رجال الصحيح. وهو حديث حسن.
(١) في "صحيحه" رقم (١٤٧/ ٩١).
(٢) في "المستدرك" (١/ ٢٦).
(٣) في "السنن" رقم (١٩٩٩).
(٤) في "المستدرك" (١/ ٢٦).
(٥) زيادة من (ب).
(٦) زيادة من (ب).
(٧) زيادة من (أ).
(٨) (١/ ٧٥).