للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: المُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفي كُلٍّ) [مَنْ القويِّ والضعيفِ] (١) (خَيْرٌ) لوجودِ الإيمانِ [في القوي والضعيفِ] (٢) (احْرِصْ) مِنْ حَرَصَ [يحرِصُ] (١) كضربَ يضرِبُ، ويقالُ: حرِصَ كسمِعَ (على ما يَنْفَعُكَ) في دينكَ ودنياكَ، (وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ) عليهِ (وَلَا تَعْجَزْ) بفتحِ الجيم وكسرِها، (وَإنْ اصَابَكَ شَيءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلتُ كَذَا كَانَ كَذَا وَكَذَا، ولَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ؛ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ. أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ). المرادُ منَ القويِّ قويُّ عزيمةِ النفسِ في الأعمالِ الأخرويةِ، فإنَّ صاحِبَها أكثرُ إقدامًا في الجهادِ، وإنكارِ المنكَرِ، والصبرِ على [تحمل] (٣) الأذَى في ذلكَ، واحتمالِ المشاقِ في ذاتِ اللَّهِ تعالى، والقيامِ بحقوقِهِ منَ الصلاةِ والصومِ وغيرهما. والضعيفُ بالعكس منْ [ذلك كله] (٤)، إلا أنهُ لا يخلو عنِ الخيرِ لوجودِ الإيمانِ فيهِ، ثم أمرهُ بالحِرْصِ على طاعةِ اللهِ تعالى وطلبِ ما عندَه وعلى طلب الاستعانة به تعالى [في كلِّ أمورِه] (٣)؛ إذْ حرصُ العَبْدِ بغيرِ إعانةِ اللَّهِ لا [تنفعُه] (٥) [كما قال] (٦):

إذا لم يكنْ عونٌ منَ اللَّهِ للفتَى … فأكثُر ما يجني عليهِ اجتهادُه

ونهاهُ عنِ العجزِ، وهوَ التساهلُ في الطاعاتِ، وقدِ استعاذَ منهُ -صلى الله عليه وسلم- بقولِه: "اللهمَّ إني أعوذُ بكَ منَ الهمِّ والحزَنِ، ومنَ العجزِ والكسلِ" وسيأتي. ونهاهُ بقولِه إذا أصابهُ شيءٌ منْ حصولِ ضررٍ أو فواتِ نفعٍ عنْ أنْ يقولَ "لو". قالَ بعضُ العلماءِ: هذا إنَّما هوَ لمنْ قاله معتقِدًا ذلكَ حتْمًا، وأنهُ لو فعلَ ذلكَ لم يصِبْه قطعًا، فأما مَنْ ردَّ ذلكَ إلى مشيئةِ اللَّهِ، وأنهُ لا يصيبُه إلَّا ما شاءَ اللهُ فليسَ مِنْ هذَا. واستدلَّ لهُ بقولِ أبي بكرٍ -رضي الله عنه- لرسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- في الغارِ: "ولوْ أنَّ أحدَهم رفعَ رأسَهُ لرآنا، وسكوتُه -صلى الله عليه وسلم-" (٧) قالَ القاضي عياضٌ (٨): وهذا لا حجةَ فيهِ لأنهُ


= • وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (١٠/ ٢٩٦)، والخطيب في "تاريخه" (١٢/ ٢٢٣)، من طريق ابن عيينة عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة.
(١) زيادة من (ب).
(٢) في (أ): "فيهما".
(٣) زيادة من (ب).
(٤) في (أ): "هذا".
(٥) في (أ): "ينفعه".
(٦) زيادة من (أ).
(٧) أخرج البخاري (٧/ ٢٥٧ رقم ٣٩٢٢) و (٨/ ٣٢٥ رقم ٤٦٦٣).
(٨) ذكره ابن حجر في "الفتح" (١٣/ ٢٢٨).