للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيها. [وفي الحديث دلالة أنه يُكفِّرُ بهذا] (١) الذِّكرِ الخطايا، وظاهرُه ولو كبائرُ، والعلماءُ يقيدونَ ذلكَ بالصغائر، ويقولونَ: لا تُمْحَى الكبائرُ إلا بالتوبةِ. وقدْ أوردَ على هذا سؤالٌ، وهوَ أنهُ يدلُّ على أنَّ التسبيحَ أفضلُ منَ التهليلِ فإنهُ قالَ في التهليلِ: "إنَّ مَنْ قالَ مائةَ مرةٍ في يومٍ مُحِيَتْ عنهُ مائةُ سيئة" كما قدَّمناهُ، وهُنَا قالَ: حُطَّتْ عنهُ خَطاياهُ ولو كانتْ مثلَ زبدِ البحرِ. والأحاديثُ دالةٌ على أنَّ التهليلَ أفضلُ، فقدْ أخرجَ الترمذيُّ (٢)، والنسائيُّ (٣)، وصحَّحهُ ابنُ حِبَّانَ (٤) والحاكمُ (٥) منْ حديثِ جابرٍ مرفُوعًا: "أفضلُ الذكرِ لا إلهَ إلَّا اللَّهُ، وأفضلُ ما قلتُ أنا والنبيونَ منْ قبلي: لا إلهَ إلا اللَّهُ"، وهيَ كلمةُ التوحيدِ والإخلاصِ، [وهيَ اسمُ اللَّهِ الأعظمِ] (٦)، ومعنَى التسبيح داخلٌ فيها، [فإنه] (٧) التنزيهُ عما لا يليقُ بالله عز وجل، وهوَ داخلٌ في لا إلهَ إلَّا اللَّهُ وحدَه لا شريكَ لهُ، لهُ الملكُ، إلخَ. وفضائلُها عديدةُ. وأُجيبَ عنهُ بأنهُ انضافَ إلى ثوابِ التهليلِ معَ التكفيرِ ثلاثةُ أمورٍ: رفعُ الدرجات، وكَتْبُ الحسناتِ، وعِتْقِ الرقابِ. والعِتْقُ يتضمنُ تكفيرَ جميعِ السيئاتِ، فإنَّ مَنْ أعتقَ رقبةً أعتق اللَّهُ بكلِّ عضوٍ منْها عضوًا منهُ في النارِ كما سلفَ. وظاهرُ الأحاديثِ أنَّ هذهِ الفضائلَ لكلِّ ذاكرٍ. وذكرَ القاضي (٨) [عياض] (٩) عنْ بعضِ العلماءِ أنَّ الفضلَ الواردَ في مثلِ هذهِ الأعمالِ الصالحةِ والأذكارِ إنَّما هوَ لأهلِ الفضلِ والدينِ والطهارةِ منَ الجرائمِ العظامِ، وليسَ مَن أصرَّ على شهواتِه وانتهكَ دينَ اللَّهِ وحرماتِه بلا حقٍّ، بالأفاضل المطهرينَ في ذلكَ، ويشهدُ لهُ قولُه تعالَى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (١٠) الآية.


(١) في (ب): "فيه أنه تُكفَّرَ بهذا".
(٢) الجزء الأول منه في "السنن" رقم (٣٣٨٣). وقال: حديث حسن غريب.
(٣) في "عمل اليوم والليلة" (٨٣١).
(٤) في "صحيحه" (٨٤٦).
(٥) والحاكم في "المستدرك" (١/ ٥٠٣)، وصحَّحه ووافقه الذهبي. أما الجزء الثاني من الحديث؛ فقد أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (٣٥٨٥)، وقال: حديث غريب وحماد بن أبي حميد ليس بالقوي عند أهل الحديث.
(٦) زيادة من (ب).
(٧) في (أ): "فإن".
(٨) ذكره ابن حجر في "الفتح" (١١/ ٢٠٨).
(٩) زيادة من (أ).
(١٠) سورة الجاثية: الآية ٢١.