للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَنْ أمذَى، فسألهُ (فَقَالَ: فِيهِ الوضُوءُ. متفقٌ عليهِ، واللفظُ للبخاريِّ)، وفي بعضِ ألفاظِه عندَ البخاريِّ (١) بعدَ هذَا: "فَاسْتَحْيَيْتُ أنْ أسألَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -"، وفي لفظٍ (٢): "لمكانِ ابنتِهِ مني"، وفي لفظٍ لمسلم (٣): "لمكانِ فاطمةَ".

ووقعَ عندَ أبي داودَ (٤) والنَّسائيِّ (٥)، وابنِ خُزَيْمَةَ (٦) عنْ عليٍّ - صلى الله عليه وسلم - بلفظِ: "كنتُ رجلًا مذَّاءً، فجعلتُ اغتسلُ منهُ في الشتاءِ حتى تشقَّقَ ظهري"، وزادَ في لفظٍ للبخاريِّ (٧) فقالَ: "توضأْ واغسِل ذَكرَكَ"، وفي مسلمٍ (٨): "اغسلْ ذكَرَكَ وتوضأْ".

وقدْ وقعَ اختلافٌ في السائلِ: هلْ هوَ المقدادُ - كما في هذهِ الروايةِ - أو عمَّارٌ، كما في روايةٍ أُخْرى. وفي روايةٍ أُخْرى أَنَّ عليًّا - رضي الله عنه - هوَ السائلُ. وجمعَ ابنُ حِبانَ بينَ ذلكَ بأنَّ عليًّا - عليه السلام - أمرَ الْمِقْدَادَ أنْ يسألَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ سألَ بنفسهِ، إلَّا أنهُ قد تُعقبَ بأنَّ قولَهُ: "فاستحييتُ أنْ أسألَ لمكانِ ابنتهِ مني"، " دالٌّ على أنهُ - رضي الله عنه - لمْ يباشرِ السؤالَ، فنسبةُ السؤالِ إليهِ في روايةٍ مَنْ قالَ: إنَّ عليًّا سألَ مجازٌ؛ لكونِهِ الآمرَ بالسؤالِ.

والحديثُ دليلٌ على أن المذيَ ينقضُ الوضوءَ، ولأجلهِ ذكرهُ المصنفُ في هذا البابِ. ودليلٌ على أنهُ لا يُوجِبُ غُسْلًا، وهوَ إجماعٌ، وروايةُ: "توضأ واغسلْ ذكرَكَ"، لا تقتضي تقديمَ الوضوءِ؛ لأنَّ الواوَ لا تقتضي الترتيبَ؛ ولأنَّ لفظَ روايةٍ مسلمٍ تبيِّنُ المرادَ، وأمَّا إطلاقُ لفظِ (ذَكَرَكَ)، فهوَ ظاهرٌ في غَسْلِ الذكرِ كلِّهِ وليسَ كذلكَ، إِذِ الواجبُ غسلُ محلِّ الخارجِ، وإنَّما هوَ منْ إطلاقِ اسمِ الكلِّ على البعضِ، والقرينةُ ما عُلِمَ منْ قواعدِ الشرعِ.

وذهبَ البعضُ إلى أنهُ يغسلُهُ كلَّهُ، عملًا بلفظِ الحديثِ، وأيَّدهُ روايةُ


(١) في "صحيحه" (٢/ ٢٨٣ رقم ١٧٨).
(٢) للبخاري في "صحيحه" (١/ ٣٧٩ رقم ٢٦٩)، ولمسلم (١/ ٢٤٧ رقم ١٧/ ٣٠٣).
(٣) في "صحيحه" (١/ ٢٤٧ رقم ١٨/ ٣٠٣).
(٤) في "السنن" (١/ ١٤٢ رقم ٢٠٦).
(٥) لعله بهذا اللفظ في "الكبرى".
(٦) في "صحيحه" (١/ ١٥ رقم ٢٠).
(٧) في "صحيحه" (١/ ٣٧٩ رقم ٢٦٩).
(٨) في "صحيحه" (١/ ٢٤٧ رقم ١٧/ ٣٠٣).