للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والعلةُ: عبارةٌ عنْ أَسباب خفيةٍ غامضةٍ طرأتْ على الحديثِ؛ فأثَّرتْ فيهِ وقدَحتْ، وهوَ مِنْ أغمضِ أنواعِ الحديثِ وأدقِّها، ولا يَقومُ بذلكَ إلا من رزقهُ اللَّهُ فهمًا ثاقبًا، وحفظًا واسعًا، ومعرفةً تامةً بمراتبِ الرواةِ، وَمَلَكَةً قويةً بالأسانيدِ والمتونِ.

وَإِنَّمَا قالَ المصنفُ: إنَّ هذا الحديثَ معلولٌ؛ لأنهُ مِنْ روايةٍ سليمانَ بن داودَ، وهوَ متفقٌ على تركهِ، كما قاله ابنُ حزمٍ (١)، وَوَهِمَ في ذلكَ، فإنهُ ظنَّ أنهُ سليمانُ بنُ داودَ اليمانيُّ، وليسَ كذلكَ، بلْ هوَ سليمانُ بنُ داودَ الخولانيُّ (٢)، وهوَ ثقةٌ أَثَنى عليهِ أبو زرعةَ وأبو حاتمٍ، وعثمانُ بنُ سعيدٍ، وجماعةٌ مِنَ الحفاظِ، واليمانيُّ هوَ المتفقُ على ضعفِهِ (٣)، وكتابُ عمرِو بن حزمٍ تلقَّاهُ النَّاسُ بالقَبولِ.

قالَ ابنُ عبدِ البرِ: [إنهُ] (٤) أشبهَ المتواترَ لتلقِّي الناسِ له بالقبولِ. وقالَ يعقوبُ بنُ سفيانَ: لا أعلمُ كتابًا أصحَّ منْ هذا الكتابِ؛ فإنَّ أصحابَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعينَ يرجعونَ إليهِ ويَدَعُونَ رأيهَم. وقال الحاكمُ (٥): قدْ شهدَ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، وإمامُ عصرهِ الزهريُّ بالصحةِ لهذا الكتابِ.

وفي البابِ منْ حديثِ حكيمِ بن حزامٍ (٦): "لا يمسُّ القرآنَ إلَّا طاهرٌ"، وإنْ


(١) في "المحلَّى" (١٠/ ٣٦٤).
(٢) قلت: والجمهور على توثيقه.
انظر: "التاريخ الكبير" (٤/ ١٠ رقم ١٧٩٠)، و"الجرح والتعديل" (٤/ ١١٠ رقم ٤٨٦)، و"الميزان" (٢/ ٢٠٠ - ٢٠٢ رقم ٣٤٤٨)، و"الكامل" (٣/ ١١٢٣ - ١١٢٤).
(٣) انظر ترجمته في: "الكامل" (٣/ ١١٢٥ - ١١٢٦)، و"لسان الميزان" (٣/ ٨٣)، و"التاريخ الكبير" (٤/ ١١ رقم ١٧٩٢)، و"الجرح والتعديل" (٤/ ١١٠ رقم ٤٨٧).
(٤) زيادة من (أ).
(٥) في "المستدرك" (١/ ٣٩٧).
(٦) أخرجه الطبراني في "الكبير" (٣/ ٢٢٩ رقم ٣١٣٥)، و"الأوسط" (١/ ٢٧٦ - ٢٧٧ - "مجمع الزوائد")، والحاكم (٣/ ٤٨٥)، واللالكائي (٢/ ٣٤٥ رقم ٥٧٤)، والدارقطني (١/ ٢٢٢ رقم ٦).
وقال الحاكم: "صحيح الإسناد" ووافقه الذهبي. وتعقَّبهما الألباني في "الإرواء" (١/ ١٥٩) بقوله: "أنَّى له الصحَّة وهو لا يروى إلا بهذا الإسناد كما قال الطبراني".
قلت: فيه "مطر بن طهمان الوراق" ضعَّفه الجمهور وأخرج له مسلم في "المتابعات".
انظر: "الميزان" (٤/ ١٢٦). وفيه: "أبو حاتم سويد بن إبراهيم العطار"، ضعَّفه جماعة.
انظر: "الميزان" (٢/ ٢٤٧).