للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لعنُه، فهوَ سببٌ، فانتسَابُ اللعنِ إليهما منَ المجازِ العقلي. [قالوا] (١): وقدْ يكونُ اللاعنُ بمعْنى الملعونِ، فاعلٌ بمعْنى مفعولٍ، فهوَ كذلكَ منَ المجازِ.

والمرادُ بالذي يتخلَّى في طريقِ الناسِ أي: يتغوَّطُ فيما يمرُّ بهِ الناسُ، فإنهُ يؤذيهِم بِنَتَنِهِ واستقذارِهِ، ويؤدي إلى لعنهِ، فإنْ كانَ لعنُهُ جائزًا، فقدْ تسببَ إلى الدعاءِ عليهِ بإبعادهِ عن الرحمةِ، وإنْ كانَ غيرَ جائزٍ، فقدْ تسببَ إلى تأثيمِ غيرِهِ بلعنهِ.

فإنْ قلتَ: فأيُّ الأمرينِ أريدَ هنا؟ قلتُ: أخرجَ الطبرانيُّ في "الكبيرِ" (٢) بإسنادٍ حسنهُ الحافظُ المنذريُّ (٣)، عنْ حذيفةَ بن أسيدٍ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنْ آذَى المسلمينَ في طُرُقِهِمْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَعْنَتُهُمْ"، وأخرجَ في "الأوسطِ" (٤) والبيهقيُّ (٥)، وغيرُهما برجالٍ ثقاتٍ - إلَّا محمدَ بنَ عمروٍ الأنصاريَّ - وقدْ وثقهُ ابنُ معينٍ - منْ حديثِ أبي هريرةَ سمعتُ رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَنْ سلَّ سخيمتَهُ على طريقٍ مِنْ طرقِ المسلمينَ فعليهِ لعنةُ اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعينَ"؛ والسخيمةُ - بالسينِ المفتوحةِ المهملةِ، والخاءِ المعجمةِ، فمثناةٍ تحتيةٍ - العذرةُ.


(١) في (أ): "قال".
(٢) (٣/ ١٧٩) وأورده الهيثمي في "المجمع" (١/ ٢٠٤)، وقال: إسناده حسن.
(٣) في "الترغيب والترهيب" (١/ ١٣٤ رقم ٤).
(٤) عزاه إليهِ الهيثمي في "المجمع" (١/ ٢٠٤).
قلت وأخرجه الطبراني في "الصغير" (٢/ ٧٧ رقم ٨١١) وقال: هذا الإسناد فيه محمد بن عمرو الأنصاري: ضعفه الأزدي. والحديث عند مسلم وأبي داود بغير هذا اللفظ - كما تقدم آنفًا -.
(٥) في "السنن الكبرى" (١/ ٩٨).
قلت: وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (١/ ١٨٦) وصحَّحه ووافقه الذهبي، فوهما، فإن فيه محمد بن عمرو الأنصاري ضعفه ابن معين وغيره، ولذلك قال الحافظ في "التلخيص" (١/ ١٠٥): "وإسناده ضعيف"، لكن له شاهدان يقوى بهما:
أحدهما: عن حذيفة بن أسيد - وقل تقدم.
والآخر: عن أبي ذر، أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (٢/ ١٢٩) وسنده واهٍ. وفي الباب عن ابن عمر، أخرجه ابن ماجه (١/ ١٢٠ رقم ٣٣٠)، والطبراني في "الكبير (١٢/ ٢٨١ رقم ١٣١٢٠)، وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (١/ ٩٨ رقم ١٣٤): "هذا إسناد ضعيف لضعف ابن لهيعة وشيخه، لكن للمتن شواهد صحيحة".